يخوض الرئيس أوباما صراعاً شاقا في حملته لإعادة انتخابه العام المقبل. فمعدلات تأييده أقل من 50 في المئة، ومعدل البطالة يبلغ 8 في المئة، ومن المتوقع أن يظل كذلك حتى يوم الانتخابات. ورغم أنه لا يزال من المبكر الاستناد على هذه المؤشرات في التوصل لاستنتاج بشأن ما ستكون عليه النتيجة، فإن استطلاعات الرأي التي أجريت في هذه الفترة المبكرة من الحملة الانتخابية، تضع حاكم ماساشوستس السابق "ميت رومني" في موضع يمكنه منه أن يشكل تهديداً لأوباما. وفريق أوباما يعترفون بتلك العقبات: "سوف تكون المنافسة في الانتخابات القادمة حامية وسوف تشهد معارك شوارع من أجل الفوز"، كان هذا ما قاله مبتهجاً "ديفيد بلوف" مساعد أوباما الذي قاد حملته الانتخابية الظافرة عام 2008 في لقاء صحفي يوم الأربعاء الماضي. مبتهجاً! ولكن ما الذي يدفعه للابتهاج أساساً؟ يرجع ذلك جزئياً إلى أن فريق أوباما يبدو وكأنه يؤمن بأن الرئيس سوف يفوز بفترة ولاية ثانية. ويقدم "بلوف" وغيره من مساعدي أوباما أربعة أسباب لتبرير ذلك. الأول:كما ألمح بلوف، وهو أن لدى أوباما فرصة لتحسين موقفه بين الناخبين المستقلين من خلال التعاون مع الجمهوريين في إجراءات مشتركة بين الحزبين تهدف لتخفيض قيمة العجز في الميزانية. الثاني: أن أوباما قد نجح في التحرك نحو الوسط دون أن يفقد قدراً كبيراً من تأييد القوام الجوهري للناخبين الديمقراطيين. الثالث: أن التركيبة السكانية تلعب لصالح الديمقراطيين. فمن بين الأسباب الرئيسية لفوز أوباما عام 2008 نسبة المشاركة العالية لفئات الشباب والناخبين اللاتين والأميركيين من أصول أفريقية، وهي شرائح تدعم الديمقراطيين عادة في الانتخابات. ومن المتوقع أن يشارك عدد أكبر من الناخبين المنتمين للأقليات العرقية في أميركا خلال الانتخابات القادمة. الرابع: أن أوباما قد بات محنكاً في الأمور الانتخابية بعد أن خاض حملة شاقة وناجحة في انتخابات 2008، علاوة على أنه ما زال يحتفظ بنفس أعضاء الفريق الذين ساعدوه على تحقيق الفوز في تلك الانتخابات. ومن المؤكد أن أوباما قد مال مرة أخرى ناحية الوسط بعد عامين من تفعيل إجراءات صديقة لليبراليين، مثل حزمته للتحفيز الاقتصادي بقيمة 787 مليار دولار، وقانونه للرعاية الصحية. وفي المفاوضات الحالية بشأن رفع حد الدين حتى 14 تريليون دولار، بذل أوباما مجهوداً كبيراً حتى يتحرك لمنتصف المسافة نحو تلبية مطالب الجمهوريين. أما فيما يتعلق بفرضية "بوف" الثانية وهي أن أوباما لم يبعد الليبراليين رغم ميله نحو الوسط، فإن الديمقراطيين يأملون أن يكون على صواب في ذلك. فمساعدوا الرئيس يبدون وكأنهم يعتقدون أنه يمتلك الكثير من النفوذ والتأثير اللذين يمكنانه من عقد صفقة مع الجمهوريين لإنقاص الدين. بمعنى أنه ليس لليبراليين الديمقراطيين طريق يذهبون إليه سوى هذا. السبب الثالث الذي يدعو بلوف للتفاؤل، هو أن أوباما لديه قاعدة تأييد قوية وسط الشباب والسود واللاتين، سوف تجعله في موقف جيد، وهو سبب يحمل في طياته قدراً من الوجاهة والمعقولية. ويشار في هذا السياق إلى أن عدد اللاتين المؤيدين للديمقراطيين يزداد في كل دورة انتخابية، لكن على أوباما ألا يعتمد على ذلك، وأن يمنحهم من الأسباب ما يدعوهم للاستمرار في تأييده. لكنه لم يفعل ذلك، فموضوع الهجرة مثلا وهو من أهم الموضوعات التي تشغل بال اللاتين، تراجع على قائمة أولوياته وذلك قبل أن يفقد الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي. ونقطة"بوف" الأخيرة، وهي الخاصة بأن مساعدي أوباما يعرفون دوما كيف يكسبون، كانت صحيحة من دون شك عام 2008، لكن المناخ الذي يواجهونه في عام 2012 سوف يكون أكثر صعوبة بكثير. لا يمنع ذلك من القول إن فريق أوباما جيد التنظيم، وأنه يستطيع جمع الأموال لخوض الحملة، كما يأمل في بناء شبكة واسعة من المتطوعين كتلك التي ساعدته على كسب الانتخابات في 28 ولاية. لكن، وكما قال أوباما نفسه الأسبوع الماضي، فإن "توليد نفس الطاقة مرة ثانية قد يكون أمراً صعباً." كان "بوف" على صواب في شيء واحد؛ وهو أن الفوز بتلك الانتخابات لن يكون أمراً سهلا، وأن على أوباما أن يربط بين موقعه الوسطي الجديد وقاعدته الليبرالية، وأن المعركة التي ستندلع هذا الشهر بشأن رفع الحد الأعلى للدين توفر له فرصة وتشكل عليه خطراً في ذات الوقت. بما يسوغ لنا القول إن مصير انتخابات 2012 قد يتقرر خلال الأسابيع الثلاثة القادمة. دويل مكمانوس كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "أم. سي. تي إنترناشيونال"