قرأت مقال د. محمد العسومي: "أزمة اليونان والأزمات العربية" وقد لفتت نظري تلك المقارنة الواردة فيه بين أوضاع بعض الدول العربية التي تمر الآن بحالة تحول وبين اليونان وغيرها من الدول الأوروبية المتعثرة اقتصاديّاً، وزيادة على ما جاء في المقال أود لفت الانتباه إلى مسألة أعتبرها مهمة، في هذا المقام، هي أن اليونان على رغم كل مشاكلها الاقتصادية والمالية الراهنة ليست مع ذلك مرشحة للانهيار الكامل، بسبب قوة التنسيق والتضامن الاقتصادي بينها وبين بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة منها تلك التي تعتبر شريكاً في العملة الموحدة "اليورو". ولعل هذا هو مكمن قوة المنظومة الأوروبية، حيث إنها قامت على أسس شراكة اقتصادية قوية، تشكل رافعة جماعية للاقتصاد الأوروبي الكلي، وفي الوقت نفسه أيضاً توفر رافعة للاقتصاد الوطني للدول الأعضاء في الاتحاد، كلاً على حدة. ولو قارنا ذلك بالحالة العربية فسنجد أن الجامعة العربية قامت منذ البداية على الديباجات السياسية ولم تركز على الدعامة الاقتصادية للعمل المشترك، ولذلك ظلت معرضة لكافة أشكال عدم الفاعلية كما كان مردودها العملي على أرض الواقع وفي الحياة اليومية للناس محدوداً، أيضاً. وبالنظر إلى هذا أعتقد أن أية جهود مستقبلية لإصلاح أو ترميم العمل العربي المشترك ينبغي أن تتأسس هي أيضاً على الرافعة الاقتصادية، وتبتعد قدر الإمكان عن الأمور السياسية، لأن الاقتصاد كفيل بأن يجمعنا في حين أن السياسة قد تفرقنا. جمال نور الدين - الدوحة