لا أعتقد أن هناك مصرياً واحداً أو إماراتياً واحداً، يخرج عن المكنون الأخوي الحميم الذي يجمع شعبي مصر والإمارات. هذا المكنون مكون من طبقات إدراكية وعاطفية تراكمت عبر الزمن، بحيث تحول إلى جسر ينفي المسافات بين البلدين الشقيقين، ويصل بينهما وكأنهما جاران متلاصقان جغرفياً. الطبقة الأولى تنتسب إلى حس الانتماء العروبي الأصيل لدى الشعبين، وفي المقدمة منهما القيادات ذات الوجدان العربي الراسخ. أما الطبقة الثانية، فتنتسب إلى العقيدة الإستراتيجية الواحدة بين البلدين قيادة وشعباً، وهي عقيدة الأمن المشترك، فأمن الإمارات عند المصريين خط أحمر لا يقبل مصري واحد أن يمس أو ينتهك. يتصل بهذه العقيدة الاستراتيجية المصرية- الإماراتية المشتركة، وعي مصري عميق بعروبة الخليج وحرص على الالتحام بالأشقاء إذا جد الجد وتعرضت هذه العروبة لأي خطر خارجي. على الجانب الإماراتي، تشير التجارب التاريخية أن أزمات مصر كانت دائماً مدعاة لمسارعة مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، إلى تقديم النجدة في مروءة وشهامة ونزاهة تحفظها ذاكرة الأجيال المصرية. ما زالت صور الدعم للجيش المصري بصفقات العتاد والسلاح اللازمة لخوض معركة تحرير سيناء من جانب الإمارات شعباً وقادة، ماثلة في الأذهان، وما زالت المدن التي تحمل اسم الشيخ زايد والتي مثلت إسهاماً مهماً في إعادة تعمير المدن المصرية التي دمرتها الحرب تحمل اسم الراحل العظيم، لتؤكد للأجيال الجديدة في البلدين عمق مشاعر الإخاء التي تكنها الإمارات لمصر. إن الكلمات الدافئة الصادقة التي استقبل بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة حفظه الله، دولة د. عصام شرف رئيس الوزراء المصري، تكفينا في تصوير هذا المكنون الحميم بين الشعبين. قال صاحب السمو رئيس الدولة خلال اللقاء، إن الإمارات ومصر لطالما كانتا تشكلان نموذجاً في العلاقات الأخوية المتميزة في مختلف الظروف والمشاهد السياسية الإقليمية والدولية، وإن مستقبل هذه العلاقات ينبني على الروابط الأخوية التاريخية بين شعبي البلدين الشقيقين.وأضف إلى هذا التوصيف الرائع للعلاقات تلك الجرعة من الثقة التي أطلقها صاحب السمو رئيس دولة الإمارات في مستقبل الوضع المصري، حيث قال سموه: "إن المتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في مصر الشقيقة، تبعث بالثقة والتفاؤل بأبنائها الأوفياء والمخلصين لبلدهم بما يكفل لها المحافظة على دورها الريادي والمحوري إقليمياً ودولياً، ويجسد في الوقت ذاته، عمقها الاستراتيجي بين أشقائها في الوطن العربي". لقد تلقينا في مصر هذه الكلمات المصحوبة بالدعم السخي للاقتصاد المصري بمشاعر المحبة والاعتزاز للأشقاء في الإمارات وهي مشاعر تتزايد وتنمو يوماً بعد يوم لتضيف طبقات جديدة إلى المكنون المصري الإماراتي الحميم.