جاءت دولة الإمارات في المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقاً لـ"مؤشر التحديث والابتكار العالمي"، الذي تصدره مؤسسة "إنسياد" العالمية المتخصصة في بحوث الأعمال، ولعل هذه المرتبة المتقدّمة إقليميّاً هي التي أهّلت الإمارات إلى احتلال المرتبة 34 عالميّاً من بين 125 دولة يغطّيها المؤشر، ويعد "مؤشر التحديث والابتكار" أحد المؤشرات التي يعتدّ بها في قياس مدى قدرة الدول على الأخذ بوسائل النمو والازدهار الاقتصادي ومقدّراتهما في الحاضر وفي المستقبل أيضاً، وهي الاعتبارات التي تحتلّ أهمية كبيرة في أوقات الأزمات، كما هي الحال في ظل "الأزمة المالية العالمية" الحالية. إن حصول دولة الإمارات على هذه المراتب المتقدمة على المستوى الإقليمي وعلى المستوى العالمي، وفقاً لـ"مؤشر التحديث والابتكار" يعدّ إنجازاً ذا دلالات تنمويّة متعدّدة، ويأخذ هذا الإنجاز معناه وأهميته من عدد القضايا وطبيعتها التي يهتمّ بها، وبالتالي المؤشرات الفرعية المكوّنة له، ويغطي هذا المؤشر عدداً واسعاً من القضايا ذات الأهمية التنموية الكبيرة في الدول محلّ الدراسة، وهي القضايا والمتغيرات ذات الدور المهم في دفع عجلة النمو والازدهار الاقتصادي والتنموي. وإلى جانب هذا الشمول فإن "مؤشر التحديث والابتكار" يستخدم طرقاً غير تقليدية في قياس مدى تطور النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتقدّمها في كل دولة، فهو مثلاً عند تناوله مدى التطوّر الاقتصادي في كل دولة لا يقتصر على استخدام المؤشرات التقليدية المتعارف عليها في هذا الشأن كحجم الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد، وكذلك عند قياسه للتطوّر المعرفي في كل دولة فهو لا يقتصر على متوسط إنفاق الدول على أنشطة البحث والتطوير، ولكن ينظر هذا المؤشر إلى تلك القضايا بمنظور أكثر عمقاً وشمولاً، فهو يهتمّ على سبيل المثال بمدى وجود حوار بين السلطات السياسية ومتّخذي القرار في كل دولة من ناحية وأفراد المجتمع ورجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى. كما أن نقطة التميّز الأخرى التي تضفي على "مؤشر التحديث والابتكار" وبالتالي على أداء دولة الإمارات وغيرها من الدول صاحبة المراتب المتقدمة عالميّاً في هذا الشأن هي أنه يتبع منهجية متميّزة في قياس مدى تطور الدول، فهو يقسم المؤشرات الفرعية إلى قسمين رئيسيين، فيقيس حجم الجهود والمبادرات والإجراءات التي تتبناها الدول في مجال، وفي الجانب الآخر تأتي مجموعة من المؤشرات الفرعية لتقيس حجم العوائد التي تجنيها الدول نتيجة جهودها في هذا المجال، ومن شأن هذا التقسيم أن يضفي نوعاً من الدقة على نتائج المؤشر، ويعطيها قيمة كبيرة في ما يتعلّق بقياس مستوى كفاءة السياسات ومستوى التحديث والابتكار الذي تتمتع به الآليات التي تعتمدها الدول في طريقها نحو التنمية، وبالتالي مدى قدرة هذه السياسات والآليات على تحقيق أهداف التنمية في الدولة، ولعل المرتبة المتقدمة التي تحتلّها الإمارات، وفقاً لهذا المؤشر، تمثّل دليلاً على أن الجهود التنموية التي تبذلها الدولة تتمتع بمستوى عالٍ من التحديث والابتكار، وتتمتع أيضاً بمستوى عالٍ من الكفاءة والتنافسية على المستوى الدولي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.