بخطوات مترددة، تقدمت هذه الطفلة نحو جمهور الصغار الواقفين مع ذويهم في انتظار الدور كي يأخذوا حقنة تلقيح ضد شلل الأطفال. في هذا الممر الداخلي الضيق والمتجه نحو الفناء المكشوف بإحدى المدارس الابتدائية في أبيدجان، جاء الأهالي ومعهم أطفالهم بمناسبة الأيام الوطنية للتلقيح، والتي أطلقتها منظمات دولية على معرفة بحقيقة الأحوال المادية والصحية في ساحل العاج، حيث تعجز غالبية المواطنين عن توفير مصاريف الحصول على اللقاح، بل يحتاجون تعبئة واسعة لتحفيزهم على الذهاب إلى مراكز التلقيح المجاني. ومع ذلك فقد أظهر الإقبال الذي شهدته هذه المراكز وعي الأهالي بضرورة التلقيح، لاسيما أن عدمه قد يعرض الطفل لحالة صحية تضطر معها الأسرة لتحمل نفقات علاجية لا تملكها أصلاً في بلد تركت سنوات الحرب الأهلية بصماتها الثقيلة على سائر قطاعات الحياة ومناحيها فيه، ومنها القطاع الصحي الذي يشهد تضعضعاً كبيراً، بعد أن كانت ساحل العاج محجة لطالبي العلاج والاستشفاء من مواطني أفريقيا الغربية كلها، وبعد أن كان مستشفياتها الجامعية تضاهي نظيرتها في فرنسا، الدولة النموذج والمستعمر السابق الذي لم يكن بمنأى عن تجاذبات الحرب الأهلية، لاسيما في محطاتها الأخيرة التي انتهت باعتقال الرئيس المنتهية ولايته جباجبو وتمكين الحكومة المنتخبة برئاسة واترا... فهل تكون بداية عودة القطار العاجي إلى سكته، ولو عبر ممر ضيق، لكن باتجاه النور وسعة السلام الأهلي؟!