نقول لكل إنسان يعيش في الإمارات الحاضنة للتعددية والمنفتحة سياسة وعقلاً ونهجاً على الجميع، إياك من استغلال هذه المظلة الواقية من كل الأزمات للعبث بالأمن، حتى لو كان في صورة إشاعة للكذب، تخويفاً وإفراداً لعضلات مملوءة بالهواء. وفق منظومة الأمن الوقائي لا يختلف استعمال السلاح الأبيض في ارتكاب جريمة قتل عن استخدام فيديو فيه من المؤثرات ما يفوق في أثره على المجتمع من رصاصة طائشة. فالمعيار الأمني هنا واحد، فهذا مجرَّم وذاك، لا يمكن للأجهزة الأمنية الانتظار حتى وقوع عملية للتحرك، فالعيون الباصرة تذهب لما وراء ذلك وتمنع تلك الجريمة صغيرة كانت أو كبيرة قبل استفحالها. فعندما يلقى القبض على أي عابث بالأمن في الدولة مواطناً كان أو مقيماً بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو عرقه ولونه، فالجرائم لا تعترف بذلك، والقانون العادل لا يقاس بتلك الفروقات والمحاكم لا تصدر أحكامها الأخيرة على المتهم إلا بعد دراسة الوقائع لضمان العدالة والإحكام أثناء صدور الأحكام. من يبالي بعود الثقاب إذا كان مرميّاً في الفناء بلا حراك، ومن لا يظن في حال اشتعاله بأنه لا ضمان من حرق حامله، إن الأمن الواعي في الدولة يريد أن يمنع عبث الأطفال بعود الثقاب من الوصول إلى حرق الأخضر واليابس. وحتى تتحقق عملية الوقاية الأمنية بصورة أكثر فاعلية فعلى كل فرد بالدولة واجب ترك مسافة أمان كافية بينه وبين الوقوع في منطقة المحظور الأمني وإن كانت البداية من وجهة نظره ضئيلة، وهذا يحتاج إلى تقوية الحس الأمني المجتمعي لدى الأفراد الذين يعون حقيقة الحياة الآمنة في مجتمع آمن. فالحس الأمني يختلف عن العمل الاستخباري المتقن وهو وظيفة الأجهزة الأمنية المتخصصة كل في مجاله، إن ما نعنيه بمشاركة فاعلة من قبل الجمهور لخدمة الأمن بطريقة غير مباشرة وهو الحس الذي بحاجة إلى ترقية من خلال عمليات التوعية الأمنية في مختلف الأجهزة الإعلامية. ويمكن ذلك بكل يسر من خلال إعداد رسائل أمنية تحث الناس على المبادرة الذاتية كما حدث في قصة الفيلم الوهمي الذي بث على الموقع الإلكتروني ولم يحتمل الناس آثاره حتى هرعت إلى الأمن لوقف هذه المهزلة التي اخترعها "فرد" لا يملك حس المسؤولية المجتمعية. فالعبث بإطلاقه سلوك مردود على صاحبه، حتى وإن كان بعيداً عن مجالات الأمن في المجتمع، فلو عبث شخص بخطوط الكهرباء أو أنابيب المياه، ألا يعد فعله مذموماً؟ يقوم البعض بمقارنات وصفية أثناء تدخل الأمن المباشر لحماية المجتمع من عبث العابثين في ممارسة سلوكيات تحث على الإجرام والعنف، بحاجة إلى وعي أعمق بمراحل تطور المجتمع في ظروف العولمة المتسارعة. فالأجهزة الأمنية التي تواكب استعداداتها للتدخل السريع في نمط هذا التغيير المتسارع، هي الأقدر على وقاية المجتمع من شر بعض الأفراد غير المدركين لتصرفاتهم السلبية، التي قد تتحول ولو عن غير قصد، إلى فعل يجرم صاحبه. فالعمليات الأمنية التي تحشد لها الدولة كافة الإمكانيات من أجل صالح المجتمع، ليست نزهة كما يريد البعض أن يوحي به، فهذه العقلية لا تنتج أماناً بقدر ما ترسخ شكوكاً وظنوناً نحن في غنى عنها. فوقاية المجتمع من كل المشكلات ابتداء خير من البحث عن حلول قد تكون مستعصية بعد وقوعها، فنحن على يقين بأنه كلما ارتقى الحس الأمني لأفراد المجتمع بالدولة، كانت النتائج في الواقع أكثر إيجاباً وردع العابثين أكبر وقعاً، فأيها الإنسان في أرض الأمان بالأمن لا تعبث.