ملامح الصحافة البريطانية مخاوف من تقسيم السودان... وعودة حزب شيناواترا للحكم في تايلاند تطورات الأزمة الليبية، والمشكلات التي تعاني منها "بي.بي.سي"، والتداعيات المحتملة لانفصال جنوب السودان، والانتخابات التايلاندية الأخيرة... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحافة البريطانية. نصر رغائبي في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان:" ليبيا: تحقيق النصر من خلال التمني"، رأت "الجارديان" أنه على الرغم من دخول الحرب الليبية شهرها الخامس، ودخول عمليات "الناتو" شهرها الرابع، فإن الوضع على الأرض في ذلك البلد، لم يطرأ عليه ذلك النوع من التغيير، الذي يمكن أن يوصف بأنه حاسم، وهو ما يرجع في نظر الصحيفة إلى أن الدول المشاركة في المهمة الليبية لا تمتلك الإرادة الكافية اللازمة لتحقيق الأهداف المتوخاة، كما لا تمتلك الرغبة في تخصيص الموارد المالية المطلوبة. فـ"الناتو" كان يتمنى عندما بدأ تدخله، أن تكون قوات المعارضة الليبية أكثر عدداً، وأفضل تدريباً، وأحسن تجهيزاً، وأقوى تسليحاً، حتى تستطيع أن تكمل المهمة التي يعرف قادته العسكريون جيداً أنها لا يمكن أن تتم من خلال الضربات الجوية وحدها. ولكن الواقع يبين أن تلك القوات، على الرغم من أنها قد حققت تقدماً نسبياً، لا تزال عالقة في مواقعها الموجودة فيها منذ عدة أسابيع، وهي تلك الواقعة خارج مدينة مصراتة إلى الشرق من مدينة طرابلس العاصمة الليبية، التي نجح نظام القذافي على الرغم من الضربات التي وجهت إليه في المحافظة على مواقعه فيها. أو في أسوأ الأحوال لم يعلن استسلامه بعد، بل ووجد أنصاره الجرأة كي ينظموا أكبر مظاهرة على الإطلاق تأييداً للقذافي منذ أن بدأت الحرب. ويتطلب الأمر في نظر الصحيفة العمل على رسم سياسة ملائمة للظروف الحالية، لأن مهمة الحلف في حماية المدنيين التي بدأ عملياته تحت غطائها، سرعان ما تحولت إلى مهمة لتغيير النظام بل ولاستهداف القذافي شخصياً بالقتل، وبالتالي فإن الأمر يستلزم منه ليس فقط الاكتفاء بالغارات الجوية على المواقع التابعة لقوات القذافي، بل والعمل أيضاً على تفتيت قواعد القوة التي يعتمد عليها القذافي مثل الولاءات القبائلية ليست قبيلته هو "القذاذفة"، وإنما قبيلتي الورفيلية والمقارحة كذلك، وخصوصاً على ضوء تعثر الجهود التي تقوم بها بعض الدول مثل جنوب أفريقيا وروسيا للوصول لحل سلمي للأزمة الليبية، بسبب إصرار المعارضة على ضرورة عدم مشاركة القذافي في تلك المفاوضات وخروجه من معادلة الحكم في ليبيا، ورفض نظام القذافي لذلك بإصرار ما يجعل جهود الحل تراوح مكانها. انفصال عن الواقع تحت عنوان "الإرث السام لـ بي.بي.سي"، عنونت "الديلي تلغراف" افتتاحيتها الاثنين الماضي التي تناولت فيها الأزمة التي تمر بها هيئة الإذاعة البريطانية، والاختلالات العديدة التي تعاني منها وعلى وجه الخصوص اختلالات الرواتب التي تميل لصالح شاغلي المناصب العليا الذين يتقاضون رواتب خيالية بمئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية سنوياً، وهو الأمر الذي اعترف به رئيس جديد لمجلس الإدارة هو "اللورد باتن أوف بارنيس" في برنامج" أندور مار شو"، ورأى أنه يمثل إرثاً ساماً بالنسبة للمشاهدين ودافعي رسوم الترخيص على حد سواء، وأنه كان يجب أن يتم التعاطي معه منذ وقت طويل، لا أن يترك كي يتفاقم على النحو الذي تفاقم به ليلحق بالمؤسسة أضراراً قد يمر وقت طويل قبل أن تتمكن من الشفاء منها. وتفند الصحيفة الحجة التي أثارها القائمون على الهيئة في كل مرة كانت تثار فيها تلك المشكلة حيث كانوا يقولون إنه من الصعب استقطاب كفاءات مهنية متميزة من دون دفع رواتب كبيرة لتلك الكفاءات: أولا لاستقطابها وبعد ذلك لاستبقاءها، وأنه من دون ذلك سوف تفقد الهيئة مزاياها التنافسية وسمعتها التي حققتها عبر عقود طويلة. وأشادت الصحيفة بالإجراءات الجديدة المقترحة ومن ضمنها اشتراط ألا يزيد أعلى راتب في الهيئة على عشرين ضعفاً متوسط الراتب في أي مؤسسة حكومية أخرى، ورأت الصحيفة أن الوضع الذي كان سائداً في المؤسسة من قبل، كان يمثل نوعاً من البذخ المغالى فيه في أوقات الرخاء...أما في أوقات الشدة الاقتصادية، مثل تلك التي يعاني منها الاقتصاد البريطاني في الوقت الراهن، فإنه كان يعني أن المؤسسة كانت معزولة تماماً عن الواقع البريطاني، وأن اللورد "باتن"، وهو سياسي عتيد، يجب أن يمنح كل تأييد ومساعدة ممكنة لإعادة تلك الهيئة العريقة لأرض الواقع مرة أخرى. نتائج عكسية "انقسام السودان يواجه طريقاً وعراً"... هكذا عنونت "الفاينانشيال تايمز" افتتاحيتها الأحد الماضي، والتي قالت فيها إن الاتفاقيات المدعومة من قبل الولايات المتحدة، والتي وضعت نهاية للحرب الأهلية التي ظلت مشتعلة بين شمال السودان وجنوبه طيلة نصف قرن، قد أفضت في النهاية إلى استفتاء على تقرير المصير أسفر عن اختيار الجنوبيين للانفصال عن الشمال، الذين ظلوا يشتكون طويلًا من أنه كان يقهرهم، ولكن استقلال الجنوب لن يضمن أن مشكلاته قد انتهت، بل أن ما يمكن أن ينشأ عن الانقسام بين شطري السودان أن تصبح هناك دولتان فاشلتان واحدة في الشمال وواحدة في الجنوب وليس واحدة(موحدة)، كما كان الأمر من قبل، وأن هناك العديد من المشكلات التي لم تحل بعد والعديد من نواحي النقص والقصور في الجنوب، يمكن أن تؤدي إلى ظهور مشكلات، يمكن بدورها أن تؤدي لاندلاع الحرب مجدداً بين الشمال والجنوب. وفي سبيل توضيح الصورة أكثر قالت الصحيفة إن الجنوب الشاسع المساحة والتي تعادل مساحته مساحة دولة أفريقية كبرى مثل نيجيريا لا يوجد به سوى 100 كيلو متر من الطرق المرصوفة ويفتقر لكل شيء من الكهرباء إلى الصرف الصحي إلى المدارس إلى المستشفيات إلى أجهزة الإدارة، علاوة على أن "الحركة الشعبية" الحاكمة في جنوب السودان، تواجه تمرداً من غيرها من القبائل الأصغر، وهي كلها عوامل يمكن أن تؤدي إلى اندلاع صراعات في الجنوب، تحول دون تطوره كما يمكن أن تؤدي لتجدد الصراع بين الشمال والجنوب مما يجعل في مجمله الطريق للانفصال محفوفاً بالصعاب والعقبات. تأمين إضافي في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان "الانتخابات التايلاندية: رفض للإجراءات العسكرية التي كانت قد اتخذت سابقا"، أشارت "الجارديان" إلى أن الكثيرين يعبرون عن تعجبهم من أن الحزب الذي فاز بالأغلبية الساحقة في الانتخابات التايلاندية، قد سعى في اليوم التالي مباشرة لإعلان النتيجة إلى تعزيز مركزه من خلال الدخول في تحالف مع أربعة أحزاب أخرى، ولكن ما قام به الحزب يعتبر مبرراً في نظر الصحيفة التي تقول إن الفوز الذي حققه حزب"بويا تاي"، الذي تتزعمه "ينجلوك شيناواترا" شقيقة رئيس الوزراء التايلاندي المخلوع الملياردير المنفى "تاسكين شيناواترا" كان بمثابة رفض صريح للحملة العسكرية التي قام بها الجيش العام الماضي، بل ولكل ما فعلته المؤسسة العسكرية في تايلاند منذ عام 2006 ، وأن ما زاد من قيمته أن كبار قادة الجيش قد أعلنوا قبولهم بهم وتعهدهم بعدم الخروج على الأدوار المنوطة بهم كمؤسسة عسكرية تضطلع بحماية حدود الوطن وتحافظ على أمنه القومي في المقام الأول، ولا تتدخل في شؤون السياسة. وترى الصحيفة أنه على ضوء ذلك اعتقد البعض أنه لن تكون هناك حاجة بالحزب الفائز بأغلبية ساحقة وبعدد من المقاعد يفوق تلك التي فاز بها شيناواترا نفسه عام 2007 بـ 31 مقعداً للدخول في تحالف مع أحزاب أخرى، لأن ذلك التحالف سوف يؤثر حتماً على حريته في العمل وتنفيذ برنامجه، ولكن الحقيقة أن الهدف من الخطوة التي أقدم عليها الحزب هو رفع عدد المقاعد من 264 إلى 299 لضمان نسبة الثلثين اللازمة لتمرير ما يريده من قوانين، علاوة على أن الحزب يدرك جيداً أن قواعد اللعبة السياسية في تايلاند كانت تحتم عليه أن يؤمن نفسه من خلال ذلك الائتلاف، لأن أحزاب المعارضة السياسية في تايلاند لا تلعب عادة الدور الذي تقوم به أحزاب المعارضة في الدول الأخرى، وإنما تلعب لمصلحتها، وتعمل على إحباط كل ما يقوم به الحزب الحاكم بصرف النظر عن المصلحة العليا للبلاد، كما أنه يدرك جيداً أن تعهدات الجنرالات قد لا تصمد طويلًا، حيث كان قد سبق لهم في الماضي أن قدموا عهودا مماثلة ولكنهم تراجعوا عنها فيما بعد ثم انقضوا على الحياة السياسية. إعداد: سعيد كامل