هناك سباق محموم بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة نتنياهو، يحاول فيه كل طرف كسب أكبر عدد ممكن من الدول لصالح موقفه قبل الوصول إلى شهر سبتمبر، وهو موعد اجتماع دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. العرب يؤيدون بالطبع القرار الفلسطيني بالتوجه إلى الجمعية لطلب الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، في حين تحاول إسرائيل تصوير هذا القرار على أنه خروج عن آلية المفاوضات المتفق عليها. هذا الادعاء تكذبه عمليات الاستيطان وسياسات التعسف والشروط المسبقة التي يقوم بها نتنياهو، وفي مقدمتها شرط اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية لليهود، وجميعها مواقف تمنع استئناف المفاوضات. لقد أعلن نتنياهو لأول مرة منذ أيام قليلة عن هدفه من سباق سبتمبر، حيث قال إن المطلوب في الحد الأدنى تجميع ثلاثين دولة تعلن الاعتراض في الأمم المتحدة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد. نتنياهو يهدف إلى دفع هذا العدد من الدول إلى تقديم مبادرة بموقفها ليحقق ما يسميه التوازن الناتج عن الموقف بدلاً من ترك الساحة خالية أمام الفلسطينيين. وبما أن عدد الدول في الجمعية العامة يصل إلى 192 (مائة واثنتين وتسعين دولة)، فإن نتنياهو يدرك جيداً أن الثلاثين دولة لن تمثل أي توازن حقيقي، وبالتالي فإن هدفه الحقيقي هو مطالبة الولايات المتحدة باستخدام "الفيتو"، إذا ما وافقت الجمعية على الطلب الفلسطيني وحول إلى مجلس الأمن للتصديق عليه. حينئذ يستطيع نتنياهو أن يتاجر بموقف الدول الثلاثين التي يسعى لتجميعها ليثبت للأميركيين أنه ليس وحده الذي يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية. إنني ألاحظ أن منظمة التحرير الفلسطينية تدرك أن الموقف الأميركي منها . كما يقول صائب عريقات، بعد الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية، يتلخص في أن واشنطن ما زالت تعارض قرار الذهاب للأمم المتحدة، وربما تستخدم حق "النقض" عند طلب العضوية. السؤال هو: لماذا لا يقرر الفلسطينيون التوجه إلى الجمعية العامة تحت صيغة "الاتحاد من أجل السلم" وهي الصيغة التي تسمح بأن تصدر الجمعية قرارات ملزمة لها نفس قوة قرارات مجلس الأمن؟ لقد سبق أن اقترحت هذه الصيغة في أكتوبر الماضي في منتدى "الاتحاد" ولاحظت بعد ذلك أن التصريحات الفلسطينية الرسمية بدأت تضع الفكرة موضع الدراسة. البيان الصادر عن اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير في رام الله يوم 26 يونيو يؤكد أن طلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية يأتي انطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية وعملاً بحق تقرير المصير لجميع الشعوب وفق ميثاق الأمم المتحدة، كما يعزز المساعي الهادفة إلى استئناف مفاوضات السلام. هذا التأكيد، يجب أن يرافقه إعلان فلسطيني بالتوجه طبقاً لصيغة "الاتحاد من أجل السلم"، فالمتوقع هو أن تستجيب معظم دول العالم للطلب لتوافقه مع حق تقرير المصير. أما إذا أغفلنا هذه الصيغة، فإن موافقة الجمعية ستجابه بـ"الفيتو" الأميركي في مجلس الأمن. لذا يتطلب الأمر توضيحاً من "منظمة التحرير" حول شكل توجهها للجمعية.