ربما أصاب اندرو بيسفيتش الحقيقة في مقاله هنا عن "حمى الحرب الأميركية الدائمة"، وذلك بقوله إن الولايات المتحدة خلال تاريخها المنقضي غالباً ما تدخل الحروب مدفوعة بأفكار العظمة والمهام الرسالية، إلى أن يصيبها الإنهاك والتململ فتبدأ بالتساؤل حول دواعي الحرب ودوافعها، لكن دون الوصول إلى مراجعة جذرية تعيد تشكيل مفاهيم تتعلق بحدود القوة، والمسؤولية الأخلاقية، والواجب إزاء الآخر، والعلاقات الدولية... بل غالباً ما تضيع تساؤلات اليقظة من هذيان حمى الحروب الرسالية وتمحي في ظلمة النسيان أو غمار الحماس لحرب أخرى تالية. ولعل هذا التوصيف من جانب الكاتب يجد الكثير من دلائل صحته في الجدل المثار حالياً عشية الانسحاب الأميركي المزمع من أفغانستان والعراق، لكنه مع ذلك لا يتضمن غير أسئلة جانبية وسطحية وبعيدة عن الأساس الذي ينبغي أن تتناوله أي مراجعة جادة. سليم محمد -المغرب