قرأت مقال د. عمار علي حسن: "مشروع فلسفي للنهضة العربية"، ومع اتفاقي معه على أهمية المنجز الفكري الذي يتحدث عنه، وخاصة لجهة التفاته إلى العلاقة بين الأنا العربي والآخر الغربي من منظور غير تقليدي ومنفتح، إلا أنني أرى أن علينا نحن العرب لكي نحقق مطمح الإقلاع الحضاري للحاق بالعالم المتقدم أن ننزع بعض الشحنة الإيديولوجية عن تنظيراتنا الساعية لتحقيق هذا الهدف. ولعل أول ما ينبغي نزعه من تلك الشحنة هو استخدام مصطلحات وعبارات فضفاضة وذات دلالات إيديولوجية أو سياسية، والاستعاضة عنها بمصطلحات فنية بحتة محددة المعنى. وكمثال فإن مفهوم "النهضة" نفسه يَفترض مسبقاً أن ثمة حالة سقوط، يتعين القيام منها، مع ما قد يعنيه ذلك من إحباطات معنوية، هذا في حين يمكن استخدام مصطلح التنمية الذي يبدو أقل شحنة إيديولوجية بكثير. وليس سبب النفور من لغة الإيديولوجيا أنها حمالة أوجه فقط، بل أيضاً لكوننا جربنا التنظير بها طيلة القرنين الماضيين فلم نحقق سوى نشوب المعارك اللفظية بين منظرينا. أما لو نظرنا علميّاً وبلغة الأرقام لتحقيق معدلات تنمية مرتفعة، فلا مجال هنا لصراعات الإيديولوجيين، ولا لتنافرات المنظرين. علي إبراهيم - الدوحة