قرأت مقال الدكتور حسن حنفي، "ماذا تعني الثقافة الوطنية"، وقد أعجبني توصيفه لموقع الثقافة في منظومة التنمية والتقدم، وأهمية الفعل الثقافي في الاستراتيجيات العامة للدول، وكذلك تشخيصه أحد الأدواء المميتة والمعيقة في مجتمعات العالم النامي جراء الخصام بين ثقافتها الوطنية التقليدية وبين الثقافة الغربية المعاصرة، مبيناً أهمية إحداث مصالحة تاريخية بين الثقافتين، وضرورة تخطي موقف الخصام والتنافر والتناقض إلى موقف المزاوجة الخلاقة التي تأخذ من الثقافتين أجمل وأقوم ما فيهما وتبني عليه حركتها في التحرر من إسار التخلف وقيد الجهل والتقليد. إن الثقافة العلمانية الحديثة ضرورة لتحرير العقل من أغلاله وللتوجه نحو المستقبل. لكن الثقافة التقليدية، الوطنية والمحلية، ضرورية هي أيضاً؛ كونها جزء من الذات والأرضية التي يجب تصليبها كساحة حركة وبناء وتحديث. فبدون ذلك الزواج الخلاق بين التقليد والتحديث لا تكون تنمية ولا بناء وإنما محاكات لا تقدم جديداً واستنساخاً غير مبرر وليس مطلوباً. حسين عيد -القاهرة