من معاني كلمة مرج في اللغة العربية خلط وفسد. ولم أجد عنواناً أكتب فيه هذا المقال عما يجري في مملكة البحرين العزيزة على قلوبنا من هذه الكلمات المعبرة. ففي الأسبوع الماضي شاركت في مؤتمر الحوار والتفاهم الذي عقد في مملكة البحرين حفظها الله من كل سوء. وكان جُل المشاركين في المؤتمر من الشباب الذين يمثلون دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تم لقاؤهم عدداً من أهل الاختصاص في موضوع المؤتمر. وكانت مشاركتي تدور حول الحوار المقنع، وهل هناك حوار غير مقنع الجواب بالإيجاب، مرت البحرين خلال الأشهر الماضية بأزمة خلطت الأوراق رأساً على عقب، وزلزلت أصول كان الناس يتعاملون بها في بلد سبق دول الخليج في التعليم والثقافة والفكر، وفي قبول الآخر. لكن كل هذه الأمور لم تشفع لحكومة البحرين، من وجهة نظر المعارضة، في تجربة البحرين دروس قاسية، لابد أن تتعلمها كل دول المنطقة إنْ شئنا أن يكون لنا وجود على الخريطة. فما كان يخطط له أكبر من أن ينساه الناس في عجالة، وما كانت البحرين إلا بداية النهاية لدول مجلس التعاون، لو أن المخطط نجح في التحول من الاستراتيجيات إلى الواقع. ومنذ وصولي إلى البحرين حتى مغادرتي لها، تصارعت في ذهني العديد من التساؤلات، تتلخص في هل تعود البحرين إلى ما كانت عليه؟ وهل الحوار هو الطريق إلى ذلك الهدف؟ الجواب على تلك الأسئلة ينقسم إلى 3 أقسام، وهي نعم، ولا، وربما. ولكل جواب شروط لابد أن ننتبه لها. وقبل معرفة تلك الشروط دعوني كمتخصص في التربية وعلم النفس أحلل ماجرى بعيداً عن الطرح السياسي، الذي أتركه لغيري من أهل الاختصاص. في البحرين كانت هناك فئة من الناس تستغل دور العبادة خلال العشرين سنة الماضية لتحقيق هدف واحد هو كراهية الطرف الآخر الذي يشكل نصف المعادلة في البحرين. فذكريات التاريخ الأليمة كانت تفسر بشكل متطرف، كي يكره الإنسان من كان في غير نفس الميدان، ورضع جيل من شباب البحرين هذه المعاني، وتربى على غير ما عرفه الناس في الجيل الأول من أهل البحرين الذين عاشوا بسلام لعقود من الزمن، فكان الناس لا يعرفون هذه الفرقة بينهم حتى أن غير أهل البحرين يستغربون إذا قُلت لهم إن في البحرين عوائل من اليهود، هكذا كان الوئام والسلام بين الناس قديماً. وجاء الوقت الذي أيقظ البعض من التاريخ خلافاً كان الأولى بنا أن ننساه، وأصبح الناس وأمسوا على هذه الذكريات الأليمة، فكان مع البكاء رجاء أن يأتي يوم الالتحام والانتقام. للأسف الشديد هذا ما جرى خلال ما خلا من الأيام. أهل التطرف هؤلاء ورمز الفكر، تحالفوا للأسف الشديد مع قوة فشلت في تحقيق تنمية بشرية في دولتهم، لكنهم مصممون على تصدرير ثورتهم، فكان الولاء لهم مقدماً على الوطن، فهل يُصلح الحوار مثل هذه العقول؟ وهل يشكل الحوار البرزخ بين أهل البحرين؟