هنا في شارع فلسطين ببغداد لا يمتلك الأطفال ترف "تضييع" الوقت في اللهو واللعب، بل إن تحديات الواقع الأمني تفرض عليهم الالتفات إلى ما هو أهم وأخطر، من خلال المساهمة في تنظيف آثار الهجمات الدامية، حيث نرى هنا هذا الصبي وهو يزيل مخلفات انفجار وقع في عين المكان يوم الثلاثاء الماضي، بسبب عبوة ناسفة كانت مموهة ومزروعة على حافة الشارع، قتلت لدى انفجارها جنديّاً عراقياً، وألحقت أضراراً أخرى في الممتلكات، بقدرما أدمت وجه الطريق نفسه، وشوهته هندسيّاً وبصريّاً. ومع خطورة المهمة وقسوتها، بالنسبة لطفل في هذه السن، إلا أن استعادة أجواء الاستقرار والسلام الاجتماعي والطائفي في العراق باتت اليوم مطلباً مقدماً على كل ما عداه، وهو ما استدعى مشاركة الجميع: جنود الدورية الواقفون في عرض الشارع، والمارة المستطلعون المتحفزون، وطبعاً هذا الصبي الذي يهوي بالمكنسة على حفرة الانفجار لإماطة الأذى عن الطريق، ولإكرام الدم البشري المسفوك على الإسفلت بتنظيفه. ومع تسجيل حجم المتحقق حتى الآن في بلاد الرافدين، على طريق استكمال هدف عودة الاستقرار، إلا أن المزيد يبقى في الانتظار.