في معادلة الأمن والاستقرار وضرورة توافرهما لأي مجتمع يصبو إلى التقدم والتنمية بصورة متواصلة، تبرز إشكالية تحقيق هذه المعادلة الأمنية والتنموية في آن واحد، بحيث لا يتعرض للاختلال بسبب الظروف التي تحيط من حولنا سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، في وقت تتداخل فيه خطوط التأثير والتأثر لقرب المجتمعات من بعضها بعضاً وفقاً لمتطلبات العولمة. وفي ضوء الأحداث التي تمر بالعالم العربي، فإن الإمارات تعتبر من الدول التي استطاعت بسياساتها الحكيمة والرشيدة أن توازن بين احتياجات التنمية المستدامة وأهمية تأصيل معادلة الأمن والاستقرار، الشرطان الرئيسيان لإنجاز أي مشروع تنموي معاصر. الواقع في الإمارات يشهد أن الأمن والاستقرار بالدولة كمعادلة مهمة وصلت إلى مرحلة الاستقرار الآمِن، أي بمعنى أن ما نلحظه في بعض المجتمعات ليس وارداً لأن ضمانات هذا الاستقرار الآمِن هي التي أرست دعائم الأمن الاقتصادي والاجتماعي والنفسي في نفوس أبناء الشعب. وهو أمر في غاية الأهمية، لأن ذلك النهج يزيل القلق من القلوب أولاً ويؤسس للطمأنينة التي تساعد على التعامل مع كافة المتغيرات بمزيد من العقلانية والحكمة. إن التغيير للأحسن هو جزء من الحراك المجتمعي في الدولة وهو ما نلمسه في كافة مشاريع التنمية المستدامة وعلى رأسها مشاريع الطاقة النظيفة للمستقبل. فالبناء المستمر والسليم لأي مشروع حضاري يهدف من خلاله استكمال النهضة المعاصرة وفق أحدث التقنيات، بحاجة إلى بيئة مستقرة وآمنة في ذاتها، وهي الركيزة الأساسية للنمو والتطور في أي مشروع تنموي وعصري. وهذه البيئة في حد ذاتها تعطي الأفضلية لجلب رأس المال الأجنبي للاستثمار في المجتمع الذي يؤمِّن له كل سبل الأمان التي تشجع رؤوس الأموال نحو النماء المستدام. والبيئة الآمنة، هي القادرة على إتاحة العمل في جو من التعايش يتقبل الجميع تحت مظلة الانفتاح على الآخر مما يساعد في دعم النسيج الاجتماعي والتلاحم البناء لوصول الجميع إلى مبتغاه الإنساني دون الولوج إلى ضغوط الاختلافات الإثنية أو العرقية والدينية، فالإمارات وفق هذا المفهوم بيئة طاردة لأي دعوى عنصرية أو أيديولوجية مغرضة. فالانسجام الفكري والتعايش الاجتماعي وتقبل الآخرين المختلفين جزء رصين من نمط الحياة الاجتماعية بالدولة، حيث إن المؤدلجين والحزبيين بكل تياراتهم لا مكان ولا صوت لهم في البنية الاجتماعية للمجتمع، وهذا عنصر مهم لاستتباب الأمن الفكري والعقدي في الحراك اليومي أثناء عمليات التغيير التي لا يخلو منها مجتمع ينبض بالحياة. وحيثيات ذلك تتضح في عدم وجود صراعات فكرية من أي نوع أو تجاذبات سياسية نحو اليمين أو اليسار، لأن صوت السلم الاجتماعي هو الأقوى والأعلى، وهو الذي يحرك البنية الاجتماعية ككل نحو الاستقرار والأمن من الجذور. فهذه ميزة يفتقدها الكثير من المجتمعات التي لم تصل، طيلة صراعاتها في العقود الماضية، إلى هذه النقطة الجوهرية في بناء الوعي اللازم للابتعاد عن كل ما يعكر صفو الوداد الاجتماعي بين كل شرائح المجتمع وفسيفسائه الدينية أو العرقية أو الفكرية. فمجتمع الإمارات بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم برعاية كريمة حكيمة من قيادته الرشيدة لهذا الإنجاز في امتداد وعمق البعد الأمني المجتمعي حتى حاز استقراراً آمناً يسيِّج ويحول دون الوقوع في شر الأفكار المنفلتة وبمبررات لا تصمد أمام اليقين الذي يعيش في كنفه كل مواطن ومقيم على أرض هذه الدولة التي جعلت من سلم الأمن والاستقرار طريقاً ممهدا نحو الرقي والتقدم.