استطاعت دولة الإمارات أن تحتلّ واحدة من المراتب المتقدّمة، إن لم تكن المرتبة الأولى، بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كأفضل شريك تجاري لمجموعة كبيرة من القوى الاقتصادية الكبرى حول العالم، كما أنها باتت تمثّل بوابة واسعة تنفذ منها تلك القوى إلى أسواق منطقة الخليج العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، وفي هذا الإطار أشادت كل من الصين وسويسرا، خلال الأيام القليلة الماضية، بالدور الذي تلعبه الإمارات كشريك تجاري واستثماري بالنسبة إليهما، حيث أظهرت بيانات "المركز الصيني للتجارة الخارجية" أن حجم التبادل التجاري بين الصين والإمارات بلغ نحو 25.7 مليار دولار خلال العام الماضي، ما وضع الإمارات على رأس الشركاء التجاريين للصين في منطقة الشرق الأوسط، ومكّنها من أن تحتلّ المرتبة الثانية بين أكبر الشركاء التجاريين للصين على مستوى العالم. وفي الإطار نفسه أيضاً أظهرت بيانات السفارة السويسرية في دولة الإمارات أن هذه الأخيرة احتلّت المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري لسويسرا في العام نفسه، بإجمالي تبادل تجاري قدّرته السفارة بنحو 2.3 مليار دولار. ليست المكانة التي تحتلّها دولة الإمارات كأفضل شريك تجاري للصين وسويسرا في المنطقة حالياً إلا جزءاً من المكاسب الواسعة التي حصدتها الدولة كثمرة لجهودها في دعم قطاع التجارة الخارجية كأحد القطاعات التي يعوّل عليها لتنويع مصادر الدخل في اقتصادها، وقد تمكّنت الدولة بذلك من احتلال المرتبة الأولى كأفضل وجهة استثمارية للأنشطة التجارية في منطقة غرب آسيا، وفقاً لـ"تقرير ملامح التجارة السنوي" لعام 2010 الصادر عن "منظمة التجارة العالمية"، واحتلّت أيضاً في العام نفسه المرتبة التاسعة عشرة ضمن أهم المصدّرين على مستوى العالم ضمن التقرير نفسه. وتضع دولة الإمارات قطاع التجارة الخارجية ضمن أهم أولويّاتها، نظراً لموقعه في هيكل الاقتصاد الوطني كقطاع ذي دور حيويّ في التنويع الاقتصادي، وكواحد من سبل دعم جهود التنمية الشاملة والمستدامة التي تمثّل الغاية المحورية للعمل المستقبلي للدولة بجميع مؤسساتها، اتحادية كانت أم محلية، ولعل هذا الوعي هو ما دفع الدولة إلى تبنّي هدف وضع اسمها ضمن قائمة الاقتصادات الأكثر تنافسية على مستوى العالم ضمن محاور العمل الاقتصادي والتنموي الشامل، وهو الهدف الذي يعدّ خطوة مهمّة نحو ترسيخ أقدام الدولة في موقع متميّز على خريطة التجارة العالمية، إلى جانب أن تحقيق هذا الهدف يعدّ المطلب الرئيسي لتحفيز الاستثمارات الأجنبية على القدوم إلى الدولة، للقيام بدورها كمصدر تمويلي واعد للمشروعات التنموية، خاصة أنه لا يوجِد أعباءً ثقيلةً على الاقتصاد الوطني بخلاف ما يترتب على أدوات التمويل الأخرى كالقروض. ليس النجاح الذي حقّقته دولة الإمارات كشريك تجاري عالمي وكوجهة استثمارية مفضّلة إلا إحدى النتائج المباشرة للمنجزات الاقتصادية التي تمكّنت من إدراكها على مدار العقود الماضية، بما فيها من نمو وازدهار اقتصادي واسع، ما سمح للأسواق المحلية بالنمو والتوسّع وجذب أنظار القوى الكبرى في النظام التجاري العالمي، وجعل منها وجهة مفضّلة بالنسبة للمستثمرين في مجال التجارة، وبؤرة مضيئة لأنشطة إعادة التصدير أيضاً. وهي المعطيات نفسها التي يتوقع أن تظلّ قائمة طوال العقود المقبلة، ليظل الاقتصاد الإماراتي وجهة عالمية للتجارة والاستثمار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية