تستعد الخارجية الأميركية لترتيبات ما بعد أنظمة الحكم التي تدور فيها رحى التحولات العربية، وكأنها تعمل على ترتيب المنطقة من جديد بعد حكم هذه الأنظمة. ولكن هذا الترتيب بحاجة إلى مصداقية في القول والعمل حيث لا يمكن الوثوق بجهة لها من السوابق ما يكفي من عدم الالتزام بالوعود. وأكبر دليل على ذلك ما حصل في العراق الشقيق، فقد تأخر مئات السنين إلى الوراء من جراء احتلال أميركا للعراق بعد أن تخلص من النظام السابق، ووعدت بإصلاحات لم نر منها إلا الدمار والبطالة، مما زاد في محنة العراقيين. لم نسمع أن أميركا تعد لترتيبات جديدة في اليونان، أو لأي دولة أوروبية شرقية كانت أم غربية كما هو الحال في البلاد العربية، أم أن هذه البلاد مكتوب عليها أن تبقى تحت حكم الاستعمار ولو بطرق مختلفة جديدة ومبتكرة للسيطرة عليها وعلى اقتصادها ومقدراتها وعلى شعوبها إلى الأبد. المساعدة الجادة التي يمكن أن تقدمها أميركا هي إرساء قواعد الديمقراطية التي نادت وتغنت بها، والذي لم نر منها سوى المعتقلات. أما الإصلاح فلن يقوم به إلا أبناء هذه المنطقة التي تحاول كل الدول إجهاضه بشتى الوسائل متظاهرة بتضامنها وعطفها على شعوب المنطقة الذي ما زال الوضع فيها مظلماً. هاني سعيد- أبوظبي