انتخاب دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤخراً، عضواً في مجلس إدارة "منظمة العمل الدوليّة" ممثلة لمجموعة حكومات دول غرب آسيا، من جانب "مؤتمر العمل الدوليّ"، الذي عقد في جنيف، يعكس التقدير الدوليّ المتزايد لبيئة العمل في الدولة، وما تتضمّنه من أطر وتشريعات وقوانين تنظم سوق العمل بسهولة ومرونة، وتضمن في الوقت نفسه حقوق طرفَي الإنتاج: العمال وأصحاب المنشآت. إن البيئة المثالية التي يتمتّع بها سوق العمل في الدولة، ترجع في الأساس إلى العديد من الاعتبارات المهمّة، أولها ما يتميز به من عدالة، تضمن حقوق العمال وأصحاب العمل في الوقت نفسه، تجد نفسها في العديد من القوانين، لعلّ أبرزها نظام حماية الأجور الإلكترونيّ الذي يقضي بتحويل أجور العمال من المؤسسات التي يعملون فيها عبر المصارف والمؤسسات الماليّة، وهذا النظام يتيح لوزارة العمل مراقبة مدى التزام المؤسسات معدلات الأجور القانونيّة، وتسليم الأجور لأصحابها في مواعيدها المحدّدة، بالإضافة إلى مراقبة ساعات العمل في كل مؤسسة، ومدى التزام المؤسسة ساعات العمل القانونية، هذا في الوقت الذي تلتزم فيه الدّولة ضمان حقوق العمال الأجانب المقيمين على أراضيها، وفقاً للمعايير الدولية، سواء تعلّق الأمر بتوفير السكن العصري والمناسب، أو توفير الرعاية الصحية الكاملة، وغيرهما من الحقوق التي تضمن توفير البيئة المناسبة لهم لأداء الأعمال. ثانيها، المرونة التي يتميّز بها سوق العمل، وتتيح للعمال الانتقال بسهولة ويسر من عمل إلى آخر مع التزام الضوابط التي تضعها القوانين المنظّمة لهذه العملية، كقرار وزارة العمل، الذي يقضي بتخفيض مدّة بطاقة العمل للعاملين في القطاع الخاص من ثلاثة أعوام إلى عامين، وقرار إلغاء شرط موافقة صاحب العمل على انتقال العامل إلى عمل جديد بعد انتهاء العلاقة التعاقديّة بين الطرفين، شريطة أن يكون العامل قد قضى عامين على الأقلّ لدى صاحب العمل، وإلغاء شرط قضاء ستة أشهر خارج الدولة للعامل الملغاة بطاقة عمله، فالمرونة التي تتيحها هذه القرارات تنطوي على مردودات إيجابيّة عديدة بالنسبة لسوق العمل، إذ تدفع أصحاب العمل إلى تحسين ظروف العمل من ناحية، وتضمن الاستفادة من الموارد البشريّة بشكل أفضل من ناحية ثانية. ثالثها، وجود العديد من الآليات التي تتصدّى لأي تجاوزات في سوق العمل، وتؤثر بالسلب في حقوق العمال، في هذا السياق، فإن وزارة العمل تتعامل بإيجابيّة مع شكاوى العمال، وتحقق فيها بالسرعة اللازمة، فهناك محكمة للقضايا العمالية يمكن اللجوء إليها من قبل هؤلاء العمّال، أو الموظّفين، في حال رأوا أن حقوقهم قد تم الاعتداء عليها، وتصدر هذه المحكمة أحكامها وفقاً لقواعد قانونية شفّافة، وقد أصدرت بالفعل أحكاماً تنصف هؤلاء العمال في مواجهة أصحاب الشركات التي يعملون فيها. كما تم تأسيس هيئة تفتيش عمالية تابعة لوزارة العمل لضمان تطبيق القوانين والقواعد الإنسانيّة، وتفرض غرامات ماليّة على المخالفين. اختيار دولة الإمارات لعضوية مجلس إدارة "منظمة العمل الدولية" هو اعتراف واضح بمثالية بيئة العمل في الدولة، وتقدير لأنظمتها التشريعيّة والقانونية المنظمة لسوق العمل، والدليل على ذلك أنها باتت من أكثر دول العالم جاذبية للعمالة من مختلف دول العالم، كما أنها في الوقت نفسه أصبحت الأكثر قدرةً على جذب الاستثمارات الخارجيّة، واستقطاب كبريات الشركات العالمية، التي تأتي إلى الإمارات لكي تستفيد من المزايا العديدة التي يتيحها سوق العمل في الدّولة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.