"سقوط الأيديولوجيا وصعود الجماهير"، ذلك هو عنوان مقال السيد يسين على هذه الصفحات يوم الخميس الماضي، وقد أعجبني كثيراً تناوله للثورة المصرية الأخيرة، من زاوية كونها مثلت تجاوزاً لكل الفواصل والتمايزات الأيديولوجية، وانتقالًا نحو مشتركات الوطن وانشغالات الشعب وضرورات التاريخ، واضعةً الأيديولوجيا على الرف ولو إلى حين. وبتحليل بسيط حول التجربة المصرية الأخيرة، يتضح لنا فعلًا أنه لو بقيت الأولوية للأيديولوجيا وخياراتها الضيقة، لما حدث ذلك التلاحم الخلاق بين قوى الشعب المصري بمختلف مشاربها السياسية والفكرية وخلفياتها الطائفية ومواقعها الطبقية. وكل ذلك يعني شيئاً أساسياً ألا وهو تقديم الخيار الوطني على ما عداه، وأقصد بالخيار الوطني هنا تحرير الوطن والمواطن معاً، بالعمل على إخراجهما من حالة الهامشية وانعدام الوزن إلى وضع جديد يستعيدان فيها حقوقهما المهدرة وفاعليتهما التاريخية المفقودة. وقد استدرك الكاتب استدراكاً أعجبني كثيراً حين أوضح أنه رغم افتقار ثورة 25 يناير لهوية أيديولوجية محددة، وهذا أحد أسرار نجاحها الرئيسية، فإنها انطلقت من شعارات سياسية وحقوقية رئيسية هي الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية واحترام الكرامة الإنسانية. بهاء خيري -الدوحة