أتفقُ تماماً مع الفكرة الرئيسية لمقال الدكتور وحيد عبدالمجيد، "الثورة بين الانتقام والتسامح!"، والذي دعا فيه إلى التسامي فوق الدوافع الغرائزية والحذر من الانصياع وراء رغبة الانتقام والتشفي والثأر من النظام السابق، كأشخاص ورموز ووجوه، ذلك أن الاستمرار في مسلسل البلاغات والمحاكمات والاتهامات والمعارك القضائية ضد نظام دالت دولته وانتهى أوانه، سيكون عملاً ليس له طائل وجهد ضائع وطاقة مبددة عبثاً، وبالتالي فمن شأنه أن يحرّف الثورة عن أهدافها ويورطها في دروب جانبية ليست مما يدخل في أولويات المرحلة وانشغالات الناس وضرورات واقعهم الراهن. وأرى بالفعل أنه ينبغي للثورة أن تنصرف إلى الحاضر لمعالجة أخطائه وسد نواقصه، وإلي المستقبل لبناء قواعدة وإشادة صروحه... فهذا هو الخيار الضروري لمصر ما بعد مبارك، وهو الأولى بالثورة أن تنكبّ عليه وأن تصرف عقول الناس وقلوبهم إلى الانشغال به وتركيز جهودهم عليه. إن المعارك مع الماضي لا تصحح اختلالات الحاضر ولا تضمن رهانات المستقبل، فالماضي صفحة طويت وانتهت كلياً، وقد أصبحت في ذمة التاريخ ولن تعود، ولا ينبغي أن نبدد الطاقات العظيمة في مواجهة أشباحها المتخيلة والمتوهمة. فالثورة فعل رشيد وعقلاني، وإلا فلا تكون كذلك، أيْ ثورة بالمعنى الحقيقي. أيمن الديب -أبوظبي