مشروع "المحاكمة عن بعد"، الذي ابتكرته وزارة الداخليّة بالتنسيق مع وزارة العدل، ضمن مشروع الربط الإلكتروني المشترك بين الوزارتين، يمثل نقلة نوعيّة في إجراءات التقاضي في الدولة، ويضمن تحقيق العدالة السريعة، وتوفير المزيد من الوقت والجهد، فهذا المشروع الذي يستعين بما يعرف بتقنية "الفيديو كونفرانس" يستهدف في الأساس تمكين النزلاء والموقوفين في المنشآت الإصلاحيّة والعقابيّة من التحدث أمام القضاء من دون الحاجة إلى نقلهم خارجها. مشروع "المحاكمة عن بعد" ينطوي تطبيقه على العديد من المردودات الإيجابيّة، القضائية والإنسانية، كسرعة البتّ في الخدمات العدلية من قبيل "تمديد مُدد الحبس الاحتياطي، والاستماع لشكاوى النزلاء وطلباتهم، واستدعاء النزيل للمساءلة أو الاستفسار، والاستماع إلى الشهود"، علاوة على تخفيف الأعباء عن النزلاء المرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصّة، لأن هذا النظام يتيح لهم التحدث أمام القضاء من دون حاجة إلى نقلهم خارج المؤسسات الإصلاحيّة والعقابيّة التي يوجدون فيها، فضلاً عن أنه يسهم في تقليص فرصة محاولة الهرب أو التعرّض إلى أي إساءة محتملة عبر احتكاك المجرمين أو المتهمين ومن في حكمهم بعموم الجمهور. إن هذا المشروع المهمّ لم يأتِ من فراغ، وإنما من عدد من الأمور، أولها، دعم قيادتنا الرشيدة وجود الأنظمة القضائية التي تضمن سرعة الحصول على العدالة، وهذا ما يؤكّده باستمرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- ولاشكّ في أن دعم الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، هذا المشروع، والتوجيه بسرعة إنجازه والعمل على تعميمه لخدمة نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية كافة على مستوى الدولة، بهدف تقليل العبء ما أمكن عن كاهل النزلاء، وتعزيز التعاون المشترك بين المؤسسات المعنية بخدمة هذه الفئة، كان لهما أكبر الأثر في هذا الإنجاز الكبير. ثانيها، أن هذا المشروع يشكّل إحدى ثمار التعاون والتنسيق المشترك بين وزارتي الداخلية والعدل ضمن نهج الحكومة الإلكترونية، بهدف تحقيق تكامل الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات البينية فيما بينهما ودقته، لتحقيق هدف رئيسي هو إنجاز العدالة السريعة، كما أنه يعكس إلى أيّ مدى تطبّق الوزارتان أحدث التقنيات داخل العديد من إداراتهما، وهو الأمر الذي يضمن سرعة استكمال متطلّبات هذا المشروع، سواء فيما يتعلق بإعداد القاعات والتجهيزات اللازمة بين الوزارتين للقيام بعمليات المحاكمة عن بعد. وفي هذا السياق، فإن العديد من القطاعات في وزارة الداخلية تطبّق أنظمة المعلومات الجنائية (قاعدة البيانات الموحدة) التي توفّر إمكانية التعامل مع القضايا وإجراءاتها بشكل آلي، وهذا بالطبع سيساعد وزارة العدل على تحقيق رؤيتها الخاصة بإنجاز العدالة السريعة، لأنه يمكّن وكلاء النيابة من متابعة الإجراءات إلكترونيّاً، والاستعلام بشكل مباشر عن السجلات والمعلومات والبيانات، إلى جانب طباعة التقارير الإحصائية والتفصيلية، وبالتالي الحد من العمل الورقي والروتين، وتجنّب تكرار الإجراءات حسب القوانين واللوائح. ثالثها، أن هذا المشروع يأتي ضمن سلسلة من الخطوات التي تم اتخاذها مؤخراً للارتقاء بالعمل القضائي، وتطوير آلياته، كي تتواكب مع أفضل الممارسات العالمية، كإنشاء محاكم ونيابات متخصّصة في الإعلام والأسرة والأموال، إضافة إلى المحاكم التجارية، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف في مجملها سرعة الفصل في القضايا من ناحية، وكفاءة التعامل معها من ناحية أخرى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.