لا تتوانى الدولة في اتخاذ أيّ خطوة من شأنها توفير حياة كريمة للعمال، والحفاظ على حقوقهم وفق المعايير الدولية، وحمايتهم في مواجهة أيّ محاولة للنيل من هذه الحقوق، وفي هذا الإطار جاء قرار صقر غباش، وزير العمل، للعام السادس على التوالي، الخاصّ بحظر تنفيذ الأعمال تحت أشعة الشمس، وفي الأماكن المكشوفة، يوميّاً منذ الساعة الثانية عشرة والنصف، وحتى الساعة الثالثة من بعد الظهر، خلال موسم الصيف، اعتباراً من منتصف الشهر الجاري حتى منتصف شهر سبتمبر المقبل. ولعلّ أهم ما يميز هذا القرار هو طابعه الإلزاميّ، الذي يفرض على أصحاب العمل تحمل مسؤولياتهم، القانونية والأخلاقية، في التعامل مع العمال لديهم، وتحذيرهم من أيّ خرق أو تجاهل، وإلا تعرّضوا لعقوبات صارمة، تتراوح بين حجب تصاريح العمل عن منشآتهم لفترات محدّدة إلى جانب غرامات مالية تختلف قيمتها وفقاً لعدد مرات المخالفة التي ترتكبها المنشآت، التي ألزمها القرار توفير أماكن مظلّلة لاستخدامات العمال خلال فترة توقّفهم عن العمل. وقرار حظر العمل تحت أشعة الشمس وفي الأماكن المكشوفة، بما ينطوي عليه من اعتبارات إنسانيّة وأخلاقيّة، وبما يشمله من ضمانات لتطبيقه على أرض الواقع، يأتي ضمن سلسلة متكاملة من الإجراءات والخطوات التي تضمن الحقوق الأخرى للعمال، وفقاً للمعايير العالمية، كالحقّ في توفير السكن المناسب، حيث تحرص وزارة العمل على ضرورة أن يراعي هذا السكن مجمل حاجات العمال الإنسانيّة من ترفيه وهدوء وصحة وغيرها، وهي المعايير التي تضمّنها قرار مجلس الوزراء الخاص بدليل المعايير العامّة للسكن العمالي، والحق في تسلّم الأجور في موعدها من دون أيّ تأخير، وهذا الحق يضمنه "نظام حماية الأجور" الذي تطبقه وزارة العمل، ويلزم صاحب العمل تحويل راتب العمال لديه شهريّاً إلى البنوك، ومن ثم يمكن التأكّد من التزامه دفع هذه الرواتب في مواعيدها، وعدم تأخيرها أو المماطلة في تسديدها لأصحابها في الوقت المحدّد لذلك، والحق في الرعاية الصحية، حيث تشترط وزارة العمل على أصحاب المنشآت المختلفة التزام تطبيق نظام التأمين الصحيّ لجميع فئات العمال، وذلك لعلاجهم وتقديم الخدمات الصحية والطبية إليهم كباقي فئات المجتمع من دون أيّ تمييز. توفر دولة الإمارات إطاراً شاملاً من القوانين والتشريعات يضمن حقوق العمال وحمايتهم والدفاع عنهم في مواجهة أي تجاوزات، وهذا الإطار فوق أنه يتواكب مع المعايير العالميّة لحقوق العمال في المجالات المختلفة، فهو أيضاً يشمل الآليات التي تضمن تطبيقه بكل حزم، ويتصدى لأيّ ممارسات سلبية قد يقوم بها بعض المنشآت وأصحاب الأعمال. ولعلّ هذا يفسر بوضوح كيف أن دولة الإمارات أصبحت من أكثر دول العالم جذباً للعمالة من مختلف دول العالم، كما يفسر التقدير الدوليّ المتزايد لأطرها القانونية والتشريعية التي تحافظ على حقوق العمال، وفي هذا السياق جاءت إشادة ماوريتسيو بوسزي، نائب مدير المكتب الإقليمي لـ "منظمة العمل الدولية" للشرق الأوسط، مؤخراً، بقرار حظر العمل تحت أشعة الشمس، فقد اعتبر أن هذا القرار يشكّل "خطوة مهمة لحماية العمال وضمان سلامتهم، خاصة في الأجواء الحارة، ويعد من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها لحماية صحّة العمال وحياتهم في المنطقة". عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية