Washington Quarterly تعدد الأقطاب وأفول الدور قضايا دولية عدة تناولها العدد الأخير من دورية Washington Quarterly التي تصدر كل ثلاثة شهور عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومركزه واشنطن. فتحت عنوان "التحرك نحو العالم ما بعد الغربي" يرى "سايمون سيرفاتي" أنه كان من المتوقع أن تقود "لحظة القطب الواحد" التي سادت في أعقاب الحرب الباردة، إلى تدشين عهد جديد خصوصا وأن أميركا كانت قد وصلت في تلك اللحظة إلى درجة من التفوق في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها يصعب على أي دولة أخرى أن تصل إليه في المدى المنظور. في تلك اللحظة امتلكت أميركا كافة الإمكانيات والمقومات التي كانت تمكنها من إنجاز أي شيء تريده، وكان الشيء الذي ينقصها هو وجود هدف. وهذا الهدف الذي ظلت أميركا تبحث عنه لما يقرب من عقد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي تبلور بقوة عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. بيد أن اللحظة الأحادية سرعان ما زالت ليبدأ التحول في ميزان القوى تدريجياً متجهاً نحو الشرق حيث تتركز الأموال والحراك الاقتصادي وحيث يظهر عمالقة اقتصاديون جدد، كالصين والهند، مدشنين "العالم ما بعد الغربي" والذي يرجح أن يبقى لفترة طويلة من الزمن. وتحت عنوان "لماذا لم تعد أميركا قادرة على فهم آسيا؟"، يرى "إيفان آيه. فايجنباوم" أن قارة آسيا يعاد خلقها من جديد، وأن دولها باتت ترتبط ببعضها البعض عبر المصالح التجارية والاستثمارات، فنجد مثلا أن سلسلة شركات التزويد بالمواد الغذائية الصينية تمتد من شرق آسيا إلى غربها، وأن العمال الصينيين هم الذين يبنون الموانئ والمطارات في الهند وباكستان، وأن تركمانستان وقرغيزستان تبيعان الكهرباء للدول الآسيوية الواقعة إلى غربها. وكل هذا يأتي على حساب النفوذ الأميركي في القارة. فالدول الآسيوية الكبيرة باتت تتعامل فيما بينها دون إبداء أدنى اعتبار للولايات المتحدة. وفي نظر الكاتب أن أفول الدور الأميركي يرجع لتغيرات جديدة لا تتحكم فيها الولايات المتحدة، لكن كان يفترض أن تستطيع التنبؤ بها والاستعداد لمواجهتها وهو ما لم تفعله في الوقت المناسب. الآداب: تجاوز الطائفية خصصت مجلة "الآداب" اللبنانية عددها الأخير لظاهرة التحولات العربية، وضمن سياق المقالات العديدة على هامش هذا الموضوع نشرت المجلة مقالاً بعنوان "الطرق إلى لبنان العلماني: مشقة التغيير" طالب فيه الكاتب اللبناني نصري الصايغ بضرورة تجاوز التصنيف الطائفي للمواطنين في بلاد الأرز، مؤكداً أن "من حق اللبنانيين التحرّرُ من طائفتهم فعليّاً. وبإمكان اللبنانيّ العلمانيّ اليوم أن يقول: أنا موجود لأني أعلنتُ استقلالي التامّ عن طائفتي في الأمور السياسيّة والإداريّة. وهذا التحرّر يحرّض اللبنانيين المستقلّين عن طوائفهم على المطالبة بحقوقهم المحتجَزة في المؤسّسات الطائفيّة.. يستحقّ اللبنانيون هذه الحرية. وليس أمامهم سوى تقديم طلب شطب الإشارة إلى الطائفة، والانتظام في حراك اجتماعيّ لانتزاع حقوقهم". كما رصد الكاتب والناشط الفلسطيني يوسف فخر الدين في مقال بعنوان: "بداية التغيير فلسطينيّاً" بعض تأثيرات الحراك العربي العام على الشباب الفلسطيني "بعد زمن طويل من احتكار الواقعيّة الزائفة لموضوع «الخصوصيّة الفلسطينيّة»، استطاع شبابٌ فلسطينيٌّ واعٍ التعاملَ مع هذه الخصوصيّة. ومن المبشِّر بالخير امتلاكُ الشباب لإجابةٍ عن سؤالٍ كثيراً ما تردّد بعد اتفاقيّات أوسلو، ألا وهو: هل يمكن أن تتفق القطاعاتُ الفلسطينيّةُ على هدفٍ واحد؟. صحيح أنها إجابةٌ ما زالت محدّدةً ضمن دائرة الحديث عن الهياكل السياسيّة، ولكنّ البنى -في الغالب- تحمل، في طيّاتها، مساراتِها شبهَ الإلزاميّة، وتتضمّن موقفاً من قضايا تأسيسيّةٍ عدّة"، ويستطرد الكاتب مفصلاً رؤيته للفاعلين الحقيقيين والواعدين القادرين على التأثير إيجاباً في إدارة النضال الفلسطيني في المستقبل: "عندما نتحدّث عن مجلس وطنيّ منتخب من كلّ الشعب الفلسطينيّ نكون قد أجبنا عن أسئلةٍ من قبيل: مَن هو الشعب؟ وما هي حدودُ أرضه الوطنيّة؟ ومن هو مصدرُ الشرعيّة؟ وما هي الآليّاتُ التي من خلالها يفكّر الشعبُ، وينظّم علاقاتِه الداخليّة والخارجيّة، ويناضل بواسطتها من أجل استرداد حقوقه الوطنيّة؟".