درس تركي للتحولات العربية... ومخاوف من انقسام منطقة "اليورو" تقييم متشائم لـدور "الناتو"، وإعجاب مصحوب بتوجس من الانتخابات التركية، وأداء اقتصادي متخبط بمنطقة "اليورو"...موضوعات كانت محور اهتمام الصحافة البريطانية هذا الأسبوع. حلف بلا دور في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان: "هل ما زالت هناك فائدة للناتو"؟ تعجبت "الأوبزيرفر" من أن يأتي الحكم بعدم جدوى الحلف على لسان وزير دفاع أميركي مغادر هو روبرت جيتس، الذي ترى أنه قد أقدم بتقييمه هذا على كسر "تابو" ظل قائماً لزمن طويل، وذلك عندما قال في خطابه الوداعي إن الحلف يواجه مصيراً "قاتماً. وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لم تُخْفِ إحباطاتها في السنوات الأخيرة من بعض شركائها الأوروبيين بسبب الأداء الضعيف لهؤلاء الشركاء في العديد من المهام التي اضطلع بها الحلف في السنوات الأخيرة وعلى وجه الخصوص أفغانستان. وترى الصحيفة أن قيام وزير الدفاع الأميركي بتقديم هذا التقييم المتشائم والصريح للغاية حول مستقبل الحلف في نفس الوقت، الذي يخوض فيه حربين يمثل لحظة فارقة بحق في تاريخ هذه المنظمة التي يأتي ثلاثة أرباع تمويلها من الولايات المتحدة. وهي ترى أن "جيتس" قد أجاب من خلال تصريحه المشار إليه على العديد من الأسئلة الوجودية التي تحيط بالحلف منذ سقوط حائط برلين وزوال السبب، الذي انشأ الحلف من أجله وهو الدفاع عن دوله ضد أي تهديد من جانب الاتحاد السوفييتي. فبعد سقوط حائط برلين لم يتفق أعضاؤه على تعريف موحد لطبيعة الدور أو الأدوار الجديدة التي سيضطلع بها في فترة ما بعد الحرب الباردة وهو ما جعل أداءه متسماً بالتخبط، أو مثيراً للجدل الشديد (قصف بلجراد عام 1999 على سبيل المثال)، أو مقتصراً على تقديم غطاء سياسي للحملات العسكرية الأميركية. ففي أفغانستان على سبيل المثال، اتسم أداء القوات المشاركة في مهمة "الناتو" بالتفاوت الشديد، بسبب اختلاف رغبات الدول التي أرسلت تلك القوات في تحمل نصيبها من العبء. وفي ليبيا، وكما صرح "جيتس" في خطابه الختامي بنبرة تهكمية، فإن"أقوى حلف في التاريخ لم يستطع على مدى أحد عشر أسبوعاً، وفي مواجهة نظام فقير التسليح أن يحقق نتيجة حاسمة، ليس هذا فحسب بل إن العديد من الحلفاء المشاركين في المهمة بدؤوا يشكون نقص الذخائر، ويريدون من الولايات المتحدة أن تستكمل هذا النقص، بل إن إحدى الدول المشاركة(النرويج) أعلنت من جانب واحد انسحابها من المهمة اعتباراً من الأول من أغسطس القادم. بالإضافة لذلك لم ينجح الحلف في سياسة التوسع شرقاً التي تعرضت لاختبار صعب إبان أزمة جورجيا عام 2008. وترى الصحيفة في النهاية أن الحلف قد تحول إلى منظمة غير متماشية مع الزمن، ولا مع الظروف المتغيرة، وأن الهم الرئيسي لأعضائه يقتصر الآن على تجنب المخاطر بأي وسيلة، كما أن الحلف بات يعتمد في مهامه بشكل متزايد على ما يطلق عليه" تحالف الراغبين". درس تركي "تركيا تدل سوريا على الطريق" كان هذا هو عنوان افتتاحية "الديلي تلغراف" يوم الاثنين الماضي، حول الأوضاع السائدة في كل من سوريا وتركيا في الوقت الراهن، والتي أبرزت التناقض القائم بين حقيقة كون الدولتان علمانيتين وجارتين من ناحية، وبين ما يحدث فيهما الآن، وكيف أنه في الوقت الذي تجرى فيه تركيا انتخابات نزيهة، تلفت انتباه العالم ويشارك فيها 87 في المئة من مجموع الشعب التركي، ويفوز فيها الحزب الحاكم بالأغلبية الساحقة معتمداً على ما حققه من تقدم اقتصادي كبير وإنجازات سياسية وإقليمية خلال السنوات الماضية، يقوم النظام السوري بإرسال مدرعاته وطائراته المروحية لضرب شعبه في مناطق متاخمة لتركيا. وتعتقد الصحيفة أن المهمة الأولى التي سيقوم بها رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي بعد الانتخابات، هي العمل على محاصرة التداعيات الناتجة عن تصرفات النظام في سوريا، وما تمثله من مخاطر على أمن بلاده الإقليمي، وخصوصا بعد أن توترت العلاقات بينها وبين سوريا خلال الآونة الأخيرة على إثر الانتقادات التي وجهها إلى النظام السوري بسبب الطريقة الوحشية التي يتعامل بها عن مواطنيه وفشله في الاستجابة للاحتجاجات بطريقة ملائمة مما يشكل خطراً على سوريا، وعلى بقاء النظام وعلى الأمن القومي لتركيا في ذات الوقت. وترى الصحيفة في نهاية افتتاحيتها أن تركيا بعد أن كانت قد قدمت العديد من النصائح لسوريا في بداية الأزمة، تعود في الوقت الراهن وبعد الانتخابات الأخيرة كي تقدم لها نموذجاً آخر للدولة العلمانية الديمقراطية الناجحة المتقدمة اقتصادياً والفعالة سياسياً في الإقليم، وهو نموذج يجب أن يحتذي به النظام السوري إذا ما أراد أن ينقذ نفسه وبلاده من براثن الأزمة الحالية التي تهدد بتداعيات غاية في الخطورة. إعجاب وتوجس الانتخابات التركية الأخيرة، كانت موضع اهتمام "الجارديان" أيضا التي قالت في افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء، التي عنونتها بـ"تركيا: بين الإعجاب والتوجس" إنه في الوقت الذي يقاتل فيه الساسة الأوروبيون من أجل تجنب اللوم عن التراجع الاقتصادي في بلادهم، يتفاخر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأداء بلاده المتميز في مجال الاقتصاد، وذلك بعد أصبح الاقتصاد التركي يحتل المرتبة 17 عالميًا، ويحقق نمواً على الطريقة الصينية وصلت نسبته عام 2010 إلى 8.9 في المئة. ليس هذا فحسب، بل يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي لبلاده مرتين منذ عام 2002، وتتضاعف صادراته ثلاث مرات على الأقل، ويتباهى بانتصار انتخابي يحلم الساسة الأوروبيون بتحقيق انتصار مثله، حيث حقق الفوز في الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة على التوالي بأغلبية ساحقة من الأصوات، مما يؤشر على تزايد شعبية الحزب. هذا ما يتعلق بالإعجاب. أما التوجس المشار إليه، فيرجع إلى أن أردوغان سيتطلع حتماً بعد هذه النتائج التي حققها إلى فرصة يعيد فيها كتابة الدستور التركي(لن يتمكن من ذلك دون مشاورة الأحزاب الأخرى حيث أن الحزب لم يحصل على نسبة الثلثين التي تؤهله لإعادة كتابة الدستور منفرداً)، متمتعاً بالسيطرة البرلمانية التي حققها، ومستفيداً من التضاؤل المستمر لدور المؤسسات العسكرية. ولكن الصحيفة ترى أن ذلك لن يكون بالأمر الميسور بالنسبة لأردوغان، وخصوصاً أن نصف عدد سكان تركيا مازالوا يعارضون حزب "العدالة والتنمية"، كما أن القضاء التركي والجيش التركي الكمالي الهوى لن يكونا قابلين للمساومة بسهولة كما أنه سيضطر إلى مشاورة "حزب الشعب" الجمهوري العلماني الذي حصل على نسبة من الأصوات تزيد بخمسة في المئة عن النسبة التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، وكذلك حزب العمل القومي الذي حصل على 13 في المئة على الرغم من الفضائح الجنسية، التي حاصرت كبار أعضائه وحزب "السلام والديمقراطية" المؤيد للأكراد الذي حصل على 6 في المئة. وترى الصحيفة أن الحصول على موافقة كل تلك الأحزاب على تعديل الدستور، الذي سيقوم به الحزب سوف يصطدم بعقبات منها أسلوب أردوغان الذي يتسم بصبغة آمرة واضحة، وقيامه بسجن الصحفيين والأسلوب العقابي، الذي يتبعه في التعامل مع وسائل الإعلام. أداء متخبط. وتحت عنوان: "منطقة اليورو ، تتجه إلى الانقسام"، يرى "نورييل روبيني" في مقاله المنشور في صحيفة "الفاينانشال تايمز" أول من أمس الثلاثاء أن النهج المتخبط الذي اتبعته مجموعة دول منطقة "اليورو" في حل أزماتها المالية والاقتصادية، قد فشل فشلاً ذريعاً. ويرى الكاتب أن تلك الدول إذا ما استمرت في السعي من أجل إيجاد حلول ارتجالية لا تعتمد على استراتيجية واضحة لحل مشكلة الديون الهائلة، التي تعاني منها بعض دولها الأكثر ضعفاً، سوف يؤدي إلى تفاقم الخلافات بين تلك الدول وإلى حدوث انقسام في الاتحاد النقدي نفسه، كما سيؤدي في ذات الوقت إلى الإفلاس الفعلي للدول ذات الاقتصادات الأقل تطوراً. ويدعو الكاتب المسؤولين عن الاتحاد الأوروبي إلى اتباع مجموعة من الإجراءات التي يرى أنها يمكن أن تساعد على الخروج من الأزمة، وهي العمل على تخفيض الديون، وزيادة مستوى التنافسية بين دول الحلف، واستمرار النمو الاقتصادي، وإذا لم يتحقق ذلك فسوف لن يكون هناك في رأيه خيار أمام العديد من دول الحلف سوى الخروج من الاتحاد النقدي، لأن فوائد الخروج سوف تكون أكبر من فوائد البقاء حتى إذا ما تم ذلك الخروج بأسلوب غير منظم. إعداد: سعيد كامل