في مقاله الأخير، وعنوانه "بين السياسي... والجنائي!"، رفض الدكتور وحيد عبدالمجيد فكرة التجاوز عن الأخطاء المنسوبة لمسؤولي النظام المصري السابق، معتبراً أنها تنطوي على إهدار للحقوق واستهتار بالقانون لا يمكن القبول بمثلهما في المرحلة الجديدة من حياة مصر، حيث يتطلع الجميع إلى إقامة دولة القانون والحق والشفافية والمراقبة والمحاسبة. لكني لا أتفق مع الكاتب في هذا الرأي، وأعتقد أن التأسيس لدولة الحق لا يكون بالانتقام من الماضي وتصفية رموزه دون اكتراث، بل ببناء قواعد جديدة للرقابة والمساءلة حول ما يحدث وما سيحدث وليس عبر محاكمة الماضي بأثر رجعي يوقعنا في فخ العدالة الانتقائية، أي محاسبة جزء من الماضي والسكوت عن جزء آخر. ثم إن أخطاء الساسة لا يمكن وضعها في خانة الجرائم الجنائية للأشخاص العاديين، فالسياسي مهما كان موقنا منه هو شخص يشغل موقع المسؤولية، ويصدر قرارات قد تخطئ وقد تصيب، وهو في الحالتين إنسان مجتهد، ولا حساب على الأخطاء الاجتهادية، وإلا فإن دولة الحق نفسها سوف تصاب بالشلل، ولن يكون فيها من يتخذ قراراً حتى لا يصبح اجتهاده الخاطئ جرماً جنائياً مداناً! بشير عبده -القاهرة