الإمارات دولة الرفاه، التي لم تبخل على أبنائها شيئاً من سبل الحياة الكريمة وهي من صلب الحياة الاجتماعية، بالعزة والمنعة ورفعة الشأن في المحافل الدولية، أليس من حقها على كل أفراد الشعب رد الجميل بمزيد من الولاء والإخلاص والوفاء والسمع والطاعة لصوت الوطن المتمثل في قيادات الرشد والحكمة؟ نعتقد أن الإعلان عن هذا الشعور الدفين لا يحتاج إلى الكثير من الوعظ، لأنه جزء من نقاء فطرة المواطن أثناء الحركة عبر مفاصل المجتمع الذي يحتضنه بدفئه وحميميته. لقد جبل شعب الإمارات وحتى المقيمون على أرضها بكل تنوعاتهم الثقافية والدينية، في كل مناسبة على إظهار كل الاحترام والتقدير للقيادات الرشيدة للدولة ومنجزاتها الحضارية. ولقد عبر بعض المقيمين عن هذا الشعور عندما انتهت مدة إقامتهم، عن حبهم للبقاء في الدولة وعدم السعي للعودة إلى أوطانهم ليس لسبب مادي، وإنما لأن الأسرة بأفرادها عاشوا شعوراً من التعلق بهذا البلد يصعب التأقلم معه في الوطن الأم. إن تعلق هؤلاء بالإمارات كان ملفتاً ونابعاً من مشاعر صادقة وتعايش خالٍ من الأكدار، وهذا ما يجب التركيز عليه عندما نسمع عن الاضطرابات التي يعاني منها بعض البلدان العربية، فالأصل هو السعي نحو كل ما يقوي التلاحم الوطني. إن بناء الحقائق على فرضيات واهية وظنون لاهية أو أوهام ضائعة، لا يعطي الحق لأي كان في أن يمضي في المطالبة بتحقيق ما توصل إليه تفكيره من أوهام، فحاله ذلك يشبه من يستبدل الاستقرار الآمن بالاضطراب الحائر. لا يغيب عن البال كلمة لأحد المشاركين في ندوة فكرية حول الأوضاع في الوطن العربي والكثير من السلبية التي تعج بها، وفي سياق التعقيب ذكر أحد المشاركين من الخليج أن التعميم لا يصح الاعتماد عليه لأن الكثير من التفاصيل لا ينطبق هنا، وكان من المفترض ذكر الإيجابيات كذلك حتى تكتمل الصورة العامة للوطن العربي وإلا وقع المتابع للندوة ومجرياتها في حيرة لا يخرج منها إلا بمزيد من الإحباط، ولم يرق ذلك للمتحدث فدخل في مسار لم يثن عليه أحد. لا يخلو مجتمع في العالم من نقاط تحتاج إلى تسليط المزيد من الضوء عليها من باب استدراك النواقص واستكمال الإنجازات، وهذا أمر ليس فيه ما يعاب عليه من أراد إصلاح الشأن العام في أي مجتمع. أما المعيب فهو إنكار الشمس في وضح النهار في الوقت الذي ينتظر فيه البعض ضوء القمر ليروا من خلاله المشكلات التي هزت الاستقرار لأسباب ذاتية دون التعويل على العوامل الخارجية. فالإمارات وبعد تجربة قاربت أربعة عقود لم تخض في مثل تجارب بعض الحكومات العربية فيما نسمع ونرى الآن من تغييرات قصمت ظهر البعير. لا زالت الإمارات النموذج الساطع في سماء العرب وبشهادة أهل الإنصاف من الغرب والشرق سواء من الساسة أو المفكرين وأصحاب القامات المعروفة للعالم المتقدم. لم يقتصر خير الإمارات وظلالها الوارفة على أبنائها المواطنين فقط، بل يتفيأ ظلالها وخيرها كذلك كل القاطنين على أرضها المعطاءة، فأي غربال يريد أن يحجب ضوءها عن العالم، يعود بالخسران على حامله، فإذا وجد في هذا الوطن أفراد لم يراعوا لحظة وفاء ولم يملكوا قطرة حياء، فهل يتركون لفعل ما يريدون وكما يشاءون؟