طرأ بعض التراجع الطفيف على "مؤشر الأداء الاقتصادي الرئيسي" لدولة الإمارات خلال شهر مايو الماضي، مقارنة بشهر أبريل بانخفاض هذا المؤشر من نحو 57.5 نقطة إلى نحو 56 نقطة، والذي يصدره بنك "إتش إس بي سي"، وذلك وفقاً لنتائج الدراسة المسحيّة التي يتم إجراؤها بشكل دوري. ورغم هذا التراجع فقد أوضحت نتائج الدراسة تحسّناً ملحوظاً في عدد من المؤشرات التفصيلية لأداء الاقتصاد الوطني خلال الشهر نفسه، حيث تحسّن أداء القطاع الخاص غير النفطي بشكل ملحوظ، وظهر ذلك من خلال الارتفاع الكبير الذي طرأ على عدد الطلبيات الجديدة على منتجات القطاع، وإن كان هذا الارتفاع يعدّ تطوّراً إيجابياً في حدّ ذاته، إلا أن الأمر الأكثر إيجابية يتمثّل في أن النسبة الكبيرة من الارتفاع الذي شهدته الطلبيات الجديدة على منتجات القطاع الخاص غير النفطي كان مصدرها الأسواق المحلية، ما أعطى دلالة مهمّة على الدور الحيوي الذي ما زال يمارسه الطلب المحلي كمحرّك رئيسي للنمو الاقتصادي في الدولة خلال المرحلة الراهنة، بما يعني احتفاظ الاقتصاد الوطني بقدرته الذاتية على الحركة والنمو دون انتظار انتعاش الطلب العالمي. وتجدر الإشارة إلى أن النمو الكبير في الطلبيات المحلية على منتجات المؤسسات الخاصة غير النفطية قد رافقه نمو ملحوظ أيضاً في الطلب الخارجي على الصادرات الإماراتية غير النفطية، وهو ما يمثّل امتداداً للنمو الذي شهده هذا الطلب خلال الربع الأول من العام الجاري، وفقاً للبيانات التي أصدرتها "وزارة التجارة الخارجية"، ونتيجة لهذه الزيادة في حجم الطلبات الجديدة، سواء المحلية أو الخارجية، على منتجات القطاع الخاص غير النفطي، فقد توسّعت مؤسسات هذا القطاع في الإنتاج خلال شهر مايو الماضي بشكل كبير مقارنة بإنتاجها في شهر أبريل الماضي، الأمر الذي ساعد بدوره على زيادة طلب هذه المؤسسات على مدخلات الإنتاج وعناصره، لتولّد موجات جديدة من الطلب غير المباشر على منتجات المؤسسات والقطاعات الأخرى المتشابكة معها، بما ساعد وسيساعد بالطبع على دعم الاقتصاد الوطني وتحفيزه على النمو. إن توسّع مؤسسات القطاع الخاص غير النفطي في الطلب على عناصر الإنتاج تضمن بالطبع توسّعاً في الطلب على الأيدي العاملة، أو بمعنى آخر توليد المزيد من فرص التوظيف في أسواق العمل المحلية، الأمر الذي يساعد بدوره على إبقاء الاقتصاد الوطني في موقعه المتميّز كقوة محرّكة لأسواق العمل في منطقة الخليج العربية وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنه بذلك أيضاً يظل بؤرة مضيئة على خريطة أسواق العمل العالمية، في الوقت الذي ما زال يشهد فيه هذا العالم تراجعاً كبيراً في معدّلات توليد الوظائف الجديدة. لم تتوقف المظاهر الإيجابية المتعلّقة بأسواق العمل الإماراتية على مجرّد إيجاد مزيد من فرص العمل، بل اتسعت هذه المظاهر لتشمل تحسّناً في مستويات أجور العاملين ورواتبهم، بخاصة أولئك الذين تمّ تعيينهم، مؤخراً، في مؤسسات القطاع الخاص غير النفطي، وهو ما أكّدته نسبة كبيرة من المؤسسات التي شملتها الدراسة المسحية المذكورة، ومن شأن هذه الزيادة بالطبع أن تساعد على تحسين مستويات معيشة هؤلاء العاملين وتنعكس بشكل إيجابي على المستوى المعيشي في الدولة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.