تحرص الدولة باستمرار على إيجاد الكوادر المواطنة التي تكون قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المستقبليّة، لاسيما في المجالات الحيوية الجديدة التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة. من هذا المنطلق جاء تخريج الدفعة الأولى من طلاب "معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا"، مؤخراً، والذين حصلوا على الماجستير في مجال العلوم والهندسة المرتبط بقطاع الطاقة المتجدّدة وتطبيقاتها المختلفة. فهذه الدفعة التي بلغ عدد طلابها ثلاثة وسبعين، ستشكّل اللّبنة الأولى في إعداد البنية البشرية اللازمة لإدارة هذا القطاع الحيوي. ونظرة سريعة إلى قائمة مشروعات خرّيجي هذه الدفعة، توضح بجلاء مدى التقدّم في مستوى البحوث التطبيقية التي يهتمّ بها المعهد في مجال الطاقة المتجدّدة والتقنيات النظيفة، من بينها مشروعات تتعلّق بكيفية إعادة تدوير النفايات، وتصميم الرقائق الدقيقة، والحدّ من انبعاثات الكربون في مجالات المياه والكهرباء، وهذا الأمر يبعث على التفاؤل، لأنه يشير إلى أن المعهد قادر على إعداد الكفاءات البشرية في هذا القطاع الحيويّ. لقد أكّد سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في كلمته خلال حفل التخرج، أن الكوكبة الأولى من خرّيجي المعهد ما هي إلا ترجمة فعلية لسعي الدولة الجادّ إلى النهوض بواقع قطاع الطاقة المتجدّدة العالمي ومستقبله، النابع من إيمانها الراسخ بأهمية إعداد الأجيال المواطنة الشابّة، وإثراء معارفهم وخبراتهم ليصنعوا مستقبل أحد أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها حيويّة، وذلك وفق النهج الذي خطّطته القيادة الرشيدة لهذا البلد المعطاء برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وهذا يؤكّد بوضوح الأهمية المتزايدة التي توليها قيادتنا الرشيدة لهذا القطاع الحيويّ، وإيجاد الكوادر المواطنة القادرة على تطويره وتعظيم مردوداته التنمويّة المختلفة. إن التوجّه نحو إيجاد الكوادر المواطنة في مجال الطاقة المتجدّدة يستند إلى اعتبارات عدة مهمة: أولها، أن الطاقة المتجدّدة أصبحت من أهم التخصّصات النوعية الدقيقة التي تخدم توجّه الدولة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ولا يمكن أن يتحقّق هذا الهدف من دون توافر العنصر البشري المؤهّل والقادر على توظيف هذه الطاقة في المجالات التنموية المختلفة. ثانيها، أن الطاقة المتجدّدة تعدّ من المجالات الحيوية التي تسعى دولة الإمارات إلى تحقيق الريادة فيها على المستوى العالمي، ولذا فمن المهم أن يكون القائمون على إدارتها من الكوادر المواطنة التي تحرص على بذل كل جهد من أجل إنجاح هذا التوجّه. ثالثها، أن إيجاد الكوادر المواطنة في هذا القطاع يندرج ضمن توجّه عام تتبنّاه الدولة، وهو إعداد كوادر متخصّصة في المجالات الحيوية والنوعية، كالطاقة النووية، وهندسة الطيران، باعتبارها المدخل نحو اقتصاد المعرفة. إن اهتمام دولة الإمارات بإيجاد العنصر البشري المواطن المتخصّص في قطاع الطاقة المتجدّدة بتطبيقاتها المختلفة، لا ينفصل عن منظومة الخطوات والإجراءات التي اتّخذتها في هذا القطاع، واستطاعت من خلالها أن تحتلّ موقع الريادة على المستوى الدولي في مجال الاهتمام بهذا القطاع، وهذا ما يتّضح في مبادرة "مصدر" التي تتضمّن العديد من المشروعات غير المسبوقة، كمدينة "مصدر" التي ستكون المدينة الأولى في العالم الخالية من الانبعاثات الكربونيّة والنفايات، و"جائزة زايد لطاقة المستقبل"، وغيرها الكثير من المشروعات التي تؤكد أن الإمارات باتت مركزاً عالمياً في العمل من أجل تطوير الطاقة المتجدّدة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.