"من يفشل في التخطيط فقد خطط للفشل" مقولة يرددها خبراء الإدارة والمدربون المختصون في وضع خطط التطوير الذاتي أو التخطيط المؤسسي. وهذه المقولة تعني أن التخطيط السليم والمبني على أسس ومنهجية سليمة هو الذي يحدد بوصلة اتجاه المشروع، وبالتالي الحكم عليه بالنجاح، والعكس يؤدي للفشل. والتخطيط هو العمل على تعبئة تنسيق وتوجيه الموارد والطاقات والقوى البشرية لتحقيق أهداف معينة. فأي مشروع سواءً كان نشاطاً تجاريّاً أو تطويراً ذاتيّاً، أو حتى مشروعاً اجتماعيّاً وغير ذلك، يبدأ من الحلم والفكرة، مروراً بتحديد الرؤية والأهداف، ومن ثم وضع خطة استراتيجية لتنفيذ تلك الرؤية والأهداف على مراحل وضمن برنامج زمني، مع تقييم الإنجاز وإجراء تعديلات في آلية التنفيذ إذا استدعى الأمر، والاتسام بالمرونة، لبلوغ النجاح وقطف ثماره. توجد لدينا نماذج مشرفة للعمل المؤسسي الناجح. وهناك مؤسسات حكومية فازت بجوائز التميز في الأداء الحكومي، وحققت معايير عالية وأثبتت نجاحاً كبيراً، قدمت نموذجاً يحتذى به لأن القائمين على تلك المؤسسات نجحوا في التخطيط وترجمة الأهداف إلى ممارسات وسلوك مؤسسي انعكس على الأداء العام وحقق النتائج المرضية للعاملين في المؤسسة والمتعاملين معها في الخارج. وفي المقابل هناك مؤسسات ودوائر حكومية لم تتطور على رغم أنها تنطلق من أهداف راقية تصب في خدمة المجتمع والوطن، ولكن المديرين التنفيذيين والقائمين على إدارة المشروع فشلوا في التخطيط السليم من أجل تحويل الأهداف السامية للمشروع إلى نجاحات ملموسة. معظم المشاكل التي نعاني منها في بعض مؤسساتنا ليست بسبب الخلل في الرؤية والأهداف، وإنما للخلل في التخطيط والتنفيذ وطريقة إدارة العمل للوصول إلى الأهداف المنشودة. أما المدير الفاشل في التخطيط فإما أنه أساساً ليست لديه خطط عمل فيحال سير الأمور في مؤسسته إلى البركة، و"مشّي الحال"، ودائماً عنده "الأمور طيبة وكل شيء زين"، أو أنه لم يستطع تحويل الرؤية والأهداف إلى برنامج عمل ناجح، ولم يدرس الإمكانيات المتوفرة والاحتياجات اللازمة، ولم يوفق في احتساب الميزانية والنفقات والموارد وكيفية تحقيق الأرباح في الإطار الزمني المحدد. المدير الفاشل في التخطيط لم يوفق في اختيار فريق العمل ولم يضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأناط المسؤولية بأشخاص وفق اعتبارات ليست في الغالب اعتبارات الكفاءة والجدارة. وهذا المدير لا يلتفت إلى المشاكل التي تقع فيها مؤسسته، ويصر على المضي في برامجه الذي وضعها ويشرف على تنفيذها دون إعادة تقييم الوضع ومعالجة نقاط الخلل. ويعتبر استياء العاملين في مؤسسته من الأوضاع مزايدات من خصوم النجاح أو مقاومة طبيعية ضد ثقافة التغيير. وعندما تتطرق الصحافة ووسائل الإعلام إلى هذا الخلل، ينبري للدفاع عن الرؤية والأهداف التي لا يختلف اثنان على أهميتها ورقيها. وهذا المسؤول أيضاً لا يتحلى بالشفافية للرد على الاستفسارات التي تخص الخلل في تنفيذ المشروع والأخطاء المتراكمة. وهو لا يعني ذلك بالضرورة أنه غير مخلص في نواياه تجاه مؤسسته، ولا يعني أيضاً أنه غير نزيه أو شخص سيئ.. ولكنه لم يكن الرجل المناسب الكفؤ لتنفيذ المهمة. هؤلاء المسؤولون الذين يفشلون في التخطيط لم يتخلفوا فقط عن اللحاق بركب المؤسسات الناجحة، بل أهدروا المال، وضيعوا الجهود و"طفشوا" الكوادر، وأرهقوا من يأتي بعدهم للإصلاح!