وقفَا طويلاً وجلسا ثم اضجعا ونام أحدهما، وربما استنفدا كل مخزونها من الحكي لطرد الملل وللتحايل على ساعات الانتظار البطيئة. لكن عزاءهما الوحيد أنهما استطاعا اجتياز نقطة تفتيش "إيال" الإسرائيلية... وكم يلق المرء هناك من عذاب وإهانة! إنهما عاملان فلسطينيان قادمان من قلقيلية في الضفة الغربية، ينتظران الحصول على فرصة للعمل في أحد الحقول الزراعية التابعة لمستوطنة في هذه الأرض التي كانت وأصبحت، حيث يجد فيها أصحابها الحقيقيون أنفسهم عالقين على الحواجز ينتظرون إذناً بالمرور... ثم يصلان أخيراً لعلّ الحظ يسعفهما بالعمل في حقول "إسرائيلية" ربما اخترقها ذات يوم محراث جد أحدهما ذهاباً وإياباً، لكن لا وصول إليها اليوم إلا مروراً بالحواجز، ولا نصيب فيها للملاك الحقيقيين أو وارثيهم. لقد باتت "مملوكة" باليد الثقيلة، على الفلسطيني كعامل وكمواطن مقتلع، فأي مشاعر ترى تهجس بها نفسه أمام هذا المنظر ومن ورائه الأفق الغائم؟!