لست بصدد الكتابة عن الدعابات المنتشرة هذه الأيام عبر وسائط التواصل الذكية عما تريده المرأة من زوجها، أو ما يتوقعه الزوج من زوجته. لكنني كمهتم بالعلاقات الأسرية، وما شابها من تأزم واضح هذه الأيام، وإطلاعي على المشاكل الأسرية التي ترد إليَّ في برنامج "خطوة"، دفعني الأمر للتفاكر والحوار المفتوح معكم لمعرفة حقيقة العلاقة بين الرجل وزوجته، وما هي أبرز التوقعات من كل زوج تجاه الآخر؟ الحياة الزوجية ليست شحنة عاطفية مؤقتة، بل وجدت هذه العلاقة كي تدوم، وللأسف الشديد جهلنا بمثل هذه المسألة جعلت بعض الشباب، والبنات يتسارعون في اتخاذ قرار الزواج بناء على عاطفة سريعة متأججة لدى كل طرف. وقد تفنن الشباب اليوم في اللعب بعواطف البنات، ومن جانب الفتيات، فإن تقليعات اللبس والميوعة التي تتعلمها بنت اليوم، تجعلها فعالة في خداع هذا الشاب، وجره بخيط من حرير إلى حياة قد يندم عليها بعد شهر العسل. العقلاء هم من انتبهوا إلى أفضل القواعد التي سطرتها الأديان والقواعد الإنسانية في هذا الإطار، لأن هذه القواعد هي التي بينت مواصفات الخاطب المطلوب والمرفوض، كما أنها بينت للرجل أهم الصفات التي ينبغي الانتباه لها وهو بصدد الخطبة. لن أطيل في هذا المجال، فالكتب المتخصصة متوافرة لمن شاء المزيد. بعض الحكماء ربط الزواج باليوم كاملاً، وبذكاء بسيط، بإمكان الشاب أن يتخيل حياته الزوجية، ويوزعها على 24 ساعة. النوم في أحسن صوره سيستهلك من اليوم 8 ساعات، السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه لكل مقبل على الزواج... ماذا ستفعل مع زوجتك خلال الزمن المتبقي؟ لذلك ينبغي اختيار الطرف الآخر بناء على هذه المعادلة الزمنية، وإلا فإن حياتكم الزوجية ستصطدم بالصمت، الذي تزخر به بيوت الناس اليوم لأنهم اكتشفوا أن الطرف الآخر لا يوجد معه تقارب عقلي، فهو إما جاهل، أو لم يتعود على استخدام عقله أو التعبير عن فكره، فعندما يبدأ الزوجان في الحوار، ولا يوجد بينهما قدر مشترك من التوافق العقلي، فإن أحد الطرفين سيميل إلى التهرب من الموضوع المطروح للحوار إلى شأن آخر، مما يجعل الطرف الأول يتساءل: لم لا يستطيع هذا الإنسان التواصل الراقي معي، ولِمَ يتهرب من كل فكرة أطرحها للحوار؟ وفي النهاية سيصل مع زوجه إلى جدار يعترض كل فكر حر، وكل حكمة أريد بها خيراً . هذا الجدار سيقطع الحوار في الأسرة تحت شعار "كل طرف لا يفهم ما يقوله الثاني"، وبما أن الانسان كائن يميل إلى الكلام، فسيبدأ كل طرف في البحث عن إنسان آخر من نفس مستواه الفكري كي يكون خليله العقلي الذي يطيب السمر معه والأنس في وجوده. وفي هذه الحالة منْ هو في البيت، ليس صالحاً لأكثر من الشأن الأسري العام كالطعام ومشاكل الأولاد والأعطال التي توجد في البناء المادي للمنزل. أما المنزل كسكن نفسي وروحي للإنسان، فليس هذا محله من الإعراب. التهرب من الطرف الآخر أسلوب للتعبير عن سوء التواصل بين الطرفين، فيبدأ الزوج في قضاء أوقات أكثر في العمل ومع الأصدقاء، وكذلك تفعل الزوجة، ولا يكاد الطرفان يلتقيان إلا وهما مهدودان، وكلٌ منهما يبحث عن الفراش كي ينتقل من أحلام اليقظة التي تبعده عن شريكه إلى الأحلام الفعلية التي تجعله يعيش غيبوبة فعلية. وكذلك اختلاق المشاكل والصراعات أسلوب آخر للتنفيس عن هذا الصراع في الحياة الزوجية، فماذا تريد الزوجة فعلياً من الزواج؟ هذا موضوعنا في المقال القادم.