أظهرت بعض البيانات، مؤخراً، أن أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحليّة لدولة الإمارات هي الأرخص بين مثيلاتها في أسواق دول الخليج العربية كلها، وذلك على الرغم من أن دولة الإمارات لا تقدّم أي دعم لتلك السلع، في الوقت الذي تقوم فيه دول أخرى بدعم بعض السلع الأساسية، ويدلّ التفوق الإماراتي في هذا الشأن على أن الأسواق تتمتّع بمستوى جيد من الكفاءة، ولا تشوبها مشكلات هيكلية تؤدّي إلى تشويهها. تعمل الحكومة جاهدة على حماية هذه المكتسبات الاقتصادية المهمة، التي تعدّ إحدى أهم الأدوات والآليات المساعدة لها لإدراك أهداف التنمية، وتمكين المواطن من الحصول على نصيبه العادل من ثمراتها، بعد أن تمكّنه أيضاً من المشاركة بفاعلية في الأنشطة الاقتصادية وفي تطوير المجتمع الذي يعيش فيه، ولذلك فإن الدولة لديها حرص كبير على تطوير البنى التشريعية والقضائية والتنفيذية المنظّمة للأسواق المحلية للسلع والخدمات، بالشكل الذي يجعلها وسطاً ملائماً لحماية المستهلك وتمكينه من الحصول على حقوقه. وفي هذا الإطار تتعاون المؤسسات باختلاف مواقعها الإدارية والجغرافية في ما بينها لحماية حقوق المستهلك، بداية بحقّه في الحصول على المعلومات الكافية والدقيقة عن السلع، لكي يكون قادراً على الاختيار والتفضيل بين السلع والخدمات المتوافرة في الأسواق، ولكي تضمن له حق الحصول على السلع والمنتجات بأسعار في متناول يده، بما يتناسب مع مستواه المعيشي وتفضيلاته وقربه أو بُعده عن الأسواق إلى غير ذلك من المعايير، كما تضع الدولة قواعد مماثلة لحماية حقوق المستهلك في مراحل ما بعد شرائه السلعة أو الخدمة، أو ما يطلق عليه "خدمات ما بعد البيع"، التي يقصد بها بالطبع مراحل استهلاك السلعة أو الخدمة. وتحتلّ قضية "حماية المستهلك" في مراحل "ما بعد البيع" أهمية كبيرة بالنسبة إلى دولة الإمارات ومؤسساتها العاملة في هذا المجال، وينطلق اهتمامها بذلك من وعيها التام بضرورة حماية المستهلك من المخاطر المحتملة لاستهلاك سلعة أو منتج معيّن غير صالح أو منتهي الصلاحية، والتي قد تهدّد صحّته وقد يصل الأمر إلى تهديد حياته برمّتها، وتسعى الدولة إلى منع هذه التهديدات من خلال منع هذا المنتج أو السلعة من المنبع وفرض رقابة صارمة على منافذ الاستيراد وتشديد الرقابة على منافذ البيع أيضاً، وفرض شروط ومعايير متعدّدة تتعلق بخصائص السلع والمنتجات وطرق تخزينها وعرضها وتوصيلها إلى المستهلك بشكل آمن. في إطار هذا الحرص التامّ من قِبل الجهات المعنيّة في الدولة على حماية المستهلك وتمكينه من الاستفادة من ثمرات مساهماته في العملية التنمويّة ستقوم "وزارة الاقتصاد" بداية من الربع الثالث من العام الجاري بتطبيق عدد من التعديلات المهمة على "قانون حماية المستهلك" المعمول به حاليّاً، وهي تقضي بزيادة الحدّ الأقصى للعقوبات المالية المفروضة على المحتكرين والمورّدين والتجار المخالفين، وترفع العقوبات على أولئك المتورّطين في أعمال الغش التجاري وترويج السلع والبضائع الفاسدة. وتستهدف الإجراءات الجديدة سدّ الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها المخالفون، بهدف دعم كفاءة الأسواق الاستهلاكية المحلية في أداء دورها، بما يضمن حصول كل من المستهلك والمنتج والمورّد والتاجر على حقّه من دون نقصان. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية