اليمن على حافة الحرب الأهلية ... ومخاطر الانسحاب المبكر من أفغانستان قمة الدول الثماني الكبرى، والمنحدر الخطير الذي اتخذته الأحداث في اليمن، وجهود الوساطة في ليبيا، والتحذير الذي وجهه الجنرالات البريطانيون بشأن خطورة الانسحاب المتعجل من أفغانستان... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن قراءة أسبوعية للصحف البريطانية. قمة فاترة في افتتاحيتها يوم السبت الماضي، و تحت عنوان "دعم مرحب به، وإن كان متواضعاً، للربيع العربي"، ذكّرت الإندبندنت بأن مؤتمرات قمة الدول الثمانية الكبرى كانت دوماً تخرج عن البرنامج المعد لها بسبب أزمات غير متوقعة، مما كان يدخل أعضاءها في خلافات ومشاجرات يتم عادة معالجتها من خلال بيان ختامي يحمل عبارات عامة، ولا يعطي معنى محدداً (يصدر متأخراً عن موعده لإضفاء أهمية إضافية غير مستحقة عليه). وهي ترى أن اجتماع هذا العام لم يخرج عن هذا النمط، وإنه جاء فاتراً ميكانيكي الأداء، وسطحياً، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى أن فرنسا سعت من البداية إلى أن يكون المؤتمر متقشفاً في كل شيء تمشياً مع الدعوة العامة إلى التقشف في أوروبا، بسبب الأزمات التي تتعرض لها اقتصادات عدد من دولها، كما يرجع كذلك إلى أن المؤتمر قد تأثر أيضاً بأخبار القبض على سفاح البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش، وتداعيات استقالة "دومنيك ستروس كان" على خلفية فضيحة جنسية، والخلافات التي نشبت بين أعضائه بخصوص الشخصية التي ستتولى رئاسة الصندوق خلفاً "لستروس كان". ومع أن اجتماع هذا العام كان أضيق في نطاقه من اجتماع العام الماضي نتيجة لتلك الأسباب المشار إليها، إلا أن الشيء الذي يحسب له أنه قد وجد الوقت، مع ذلك، للتركيز على موضوع التطورات التي تحدث في شمال أفريقيا والتي بات يشار إليها بالربيع العربي، حيث أعدت الدول المشاركة خطة لقيام بنك إعادة التعمير والتنمية الأوروبي بالاستثمار في تونس ومصر، وتنفيذ برامج إنقاذ، وأخرى لتحفيز الاقتصاد مشابهة لما قام به من قبل في دول وسط وشرق أوروبا في تسعينيات القرن الماضي. يعد ذلك في نظر الصحيفة تطوراً إيجابياً خصوصا إذا أُخذ في الاعتبار المشكلات التي تعاني منها بعض الاقتصادات الأوروبية حالياً. كما ترى الصحيفة أيضاً أن القمة قد أفرزت نتائج إيجابية بشأن الأزمة في ليبيا، وذلك عندما قرر القادة المجتمعون تشديد الضغط العسكري على نظام القذافي والتأكيد- بما فيهم الرئيس الروسي – على أن القذافي قد فقد شرعيته تماماً، وأن الوقت قد حان كي يغادر الحكم واتخاذهم قراراً بنشر أعداد من طائرات الهليوكوبتر من نوع "أباتشي" لاستخدامها في ضرب الأهداف الدقيقة التي لا تستطيع الطائرات القاذفة العادية مهاجمتها خوفاً من وقوع خسائر مدنية. اللعب بالنار "اليمن على الحافة"... هكذا عنونت"الديلي تلغراف" افتتاحيتها الأحد الماضي، راصدة خلالها تطورات الأزمة اليمنية، والتي بدأتها بالقول إنه على الرغم من أن بن لادن قد مات إلا أن الحركة التي ألهمها لا تزال قادرة على العمل والتزثير في الدول الموشكة على الفشل، وهو ما تبدى بوضوح من سيطرة مسلحين ينتمون لتنظيم "القاعدة" في الجزيرة العربية على مدينة زنجبار اليمنية الساحلية، وهو تطور خطير الذي يأتي بعد شهور من المظاهرات والاحتجاجات ضد نظام عبد الله صالح الذي يجد نفسه الآن لا يواجه متظاهري الشوارع فحسب، وإنما رجال القبائل التابعين للشيخ صادق الأحمر شيخ أكبر تحالف قبلي في اليمن وهو ما يدفع في مجموعه اليمن إلى وضع في غاية الخطورة خصوصاً بعد تعثر الوساطة التي قام بها مجلس التعاون الخليجي بسبب امتناع الرئيس اليمني على التوقيع على المبادرة التي تقدم بها المجلس، والتي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنازل الرئيس عن منصبه لنائبه خلال 30 يوماً من التوقيع على المبادرة، وذلك لإصراره على حضور المعارضة إلى القصر الجمهوري للتوقيع عليها على الرغم من قيامها بذلك مسبقاً. أشارت الصحيفة إلى الاتهامات التي يوجهها قادة المعارضة لصالح بأنه قد تخلى عن مدينة زنجبار لـ"القاعدة"، كي يثبت أنه إذا ترك الحكم فإن "القاعدة" سوف تستولي على البلاد، وأنه الوحيد القادر على التصدي لذلك التنظيم والحيلولة دون انهيار الأوضاع، ورأت أنه إذا كان الرئيس اليمني يقصد ذلك بالفعل، فإن ما قام به يعد محاولة فاشلة ومتأخرة للتمسك بالسلطة، وأنه لا مفر من تنحيه عن الحكم، وأن عدم قيامه بذلك، وخصوصاً بعد المواجهات الدموية الأخيرة، والتطورات المقلقة التي حدثت في زنجبار، سوف يقود البلاد حتماً إلى حرب أهلية مدمرة. المأزق الليبي " بعبارة وسيط غير نزيه في ليبيا نشرت "الديلي تلغراف"يوم الاثنين الماضي، افتتاحية تناولت فيها الأزمة في ليبيا، التي لم يتمكن أي طرف من طرفيها من حسم الوضع لصالحه حتى الآن، وذلك بعد إخفاق المتمردين من الاستفادة من الإمكانيات التي توفرت لهم بعد الضربات العنيفة التي وجهتها طائرات "الناتو" لقوات القذافي ومعسكراته ومقاره. وترى الصحيفة أن هذا الجمود في الموقف سيؤدي إلى استمرار معاناة المدنيين في ليبيا، وأن الحل يكمن في رحيل القذافي في أقرب وقت ممكن، لكن المشكلة أن القذافي لا يبدي استعداداً للرحيل، ويعلن استعداده فقط للهدنة وللتفاوض على إيجاد حل للوضع المتأزم على ألا يتضمن هذا الحل رحيله عن البلاد. وبخصوص الوساطة في ليبيا، تصف الصحيفة الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما بأنه لا يعتبر وسيطاً نزيها، بسبب العلاقة الوثيقة التي تربطه بالقذافي، والتي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما كان القذافي يقدم المال والسلاح لحزب "المؤتمر الوطني" الجنوب أفريقي الذي كان يناضل في ذلك الوقت لنيل استقلال بلاده وهو ما دفع نيلسون مانديلا إلى رد الجميل فيما بعد من خلال الجهود التي قام بها من أجل رفع الحصار الذي كان مفروضاً على ليبيا بسبب تداعيات حادث اسقاط طائرة لوكيربي. لذلك تتوقع الصحيفة فشل الجهود التي يقوم بها "زوما" للوساطة من أجل حل الأزمة في ليبيا، خصوصاً بعد رفض المعارضة لتلك الوساطة، ليس فقط بسبب اعتراضها على "زوما"، وإنما لأنه يأتي ممثلاً للاتحاد الأفريقي، الذي تنظر إليه المعارضة الليبية أيضاً على أنه جهة متواطئة مع القذافي، وتستدل على ذلك بالأعداد الكبيرة من المرتزقة الأفارقة القادمين من الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، الذين يحاربون في صفوف قواته، والذي يقال إنهم قد ارتكبوا فظائع ضد الليبيين. إشارات متناقضة يشير "جيمس تابسفيلد" في تقريره المنشور بصحيفة الإندبندنت أول من أمس الثلاثاء تحت عنوان" الجنرالات يحذرون من سحب القوات من أفغانستان" إلى التصريح الذي أدلى به الجنرال "جيمس بكنال" نائب الجنرال "ديفيد بيترايوس" الذي قال فيه" إن التعزيزات في قوات دول التحالف التي وصلت إلى أفغانستان العام الماضي يجب أن تبقى... وأن التحالف قد حقق إنجازات جيدة في الشتاء الماضي ويجب أن يتمسك بما حققه من مكاسب خلال هذا الموسم القتالي". و يرى الكاتب أنه من المهم في الوقت الراهن ألا يتم النظر إلى ذلك التحذير على أنه يرسل إشارات متناقضة بشأن الوضع في أفغانستان، خصوصاً مع إعلان الولايات المتحدة البدء في سحب قواتها خلال يوليو المقبل، غير أنه يوافق مع ذلك الجنرال على رأيه القائل بأن الحاجة تدعو إلى بقاء أعداد كافية من القوات تحسباً لهجوم الربيع الذي يتوقع أن تشنه قوات" طالبان" بعد انتهاء موسم حصاد محصول الأفيون، وهو ما سيعني زيادة كبيرة في مستوى العنف من جانب "طالبان". وهناك في رأيه سبب آخر يدعو لبقاء هذه القوات لموسمين قادمين على الأقل - كما يقترح الجنرالات - وهو أن القوات البريطانية تقاتل في أصعب المناطق وأخطرها في أفغانستان، ولا يمكن أن تغامر بتقليص أعداد قواتها قبل أن تتأكد من أنها قادرة على حماية نفسها، وعلى إنجاز المهام المكلفة بها. إعداد: سعيد كامل