خرج العراق من الحجْر الكامل على العمل السياسي فيه إلى ما اعتبره البعض ضرباً من الحياة السياسية المنفلتة وغير المقيدة بأي ضوابط تقريباً، ثم سرعان ما أصاب حياته السياسية فتور أو ركود... لكن الاحتجاجات التي شهدتها بعض الدول العربية أنعشت سوق الشعارات السياسية وأمدته بنفس جديد. وفي هذه الصورة نرى عراقياً يقوم بتنسيق لافتات تحمل شعارات مختلفة: "كلا كلا إسرائيل"، "كلا كلا أميركا"، "كلا كلا للفساد"... وذلك في إطار تعبئة يجريها التيار الصدري استعداداً لأنشطة احتجاجية ينظمها في مدينة الصدر ذات الأغلبية الشيعية في محافظة بغداد. لكن فيما يأتي رفع الشعارات احتجاجاً على عجز الحكومة عن توفير المستلزمات الأساسية لحياة المواطنين اليومية، فإنه لا علاقة في الظاهر على الأقل بين هذه الشعارات المعلنة وبين هموم السكان واحتياجاتهم الملحة. بل أن الشعارات ذاتها، وأياً كان المنطوق أو المضمون فيها، لا تطعم شعباً من جوع ولا تؤمّنه من خوف، وهُما (أي الأمن والطعام) البعدان الرئيسيان في أكثر الاحتجاجات العربية الراهنة. ولا يبدو أن العراق، في هذا الخصوص على الأقل، يمثل استثناءً داخل نسيجه العربي العام.