تعدّدت المؤشرات الدالة على متانة الاقتصاد، خلال الفترة الماضية، بداية بالنمو والتعافي الاقتصادي الحقيقي الذي تمّ تسجيله في العام الماضي، الذي زاد على 2 في المئة وفقاً لتقديرات العديد من المؤسسات المحلية والعالمية، ومن ثم التوقعات التي ترجّح تضاعف هذا النمو خلال العام الجاري، إلى جانب المؤشرات الإيجابية المتعلقة بنمو التجارة الخارجية، بخاصة غير النفطية منها، وانتعاش حركة السياحة والسفر المقبلة، ما أدّى إلى ارتفاع معدلات الإشغال الفندقي في الدولة إلى مستويات مطمئنة، وعودة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلاد بأحجام تقترب من مستويات ما قبل "الأزمة المالية العالمية". لم تغن هذه المؤشرات الإيجابية دولة الإمارات عن مواصلة جهودها الساعية إلى تحقيق المزيد من النمو واستعادة بريقها الاقتصادي والتخلّص بشكل كامل من تداعيات الأزمة المالية، فاستمرت في سياساتها الاستثمارية الطموح عبر الإنفاق الحكومي السّخي على المشروعات الكبرى والتوسّع في القطاعات الاقتصادية غير النفطية لدعم القاعدة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل القومي، واستمرت الدولة في إصلاح مناخها الاستثماري وتطوير أطرها التشريعية والقانونية والتنفيذية المتعلّقة بالأنشطة الاقتصادية، وتبنّت العديد من المبادرات لدعم القطاع الخاص للمشاركة في الأنشطة التنموية، ووفّرت السبل اللازمة لدعم تنافسية المنتجات الوطنية سواءً كانت منتجة في المصانع المملوكة للدولة أو المصانع المملوكة للقطاع الخاص، ولعلّ احتلال المؤسسات الإماراتية المراتب الأولى بين المؤسسات المنافسة لها في منطقة الخليج العربية، وفقاً لمؤشرات العلامات التجارية، يمثّل أحد أوجه تفوّق الاقتصاد الوطني، ودليلاً على مستوى التنافسية الذي باتت هذه المؤسسات تتمتّع به ليس على المستوى الإقليمي فقط، ولكن على المستوى العالمي أيضاً، وهو ما ينطبق كذلك على المنتجات الوطنية من سلع وخدمات. مع هذه الجهود المتواصلة والدؤوبة يتوقع أن تجني دولة الإمارات المزيد من المكاسب الاقتصادية خلال السنوات المقبلة، عبر رفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى بكثير من مستوياتها الحالية، والانطلاق في مرحلة جديدة من النمو والازدهار الاقتصادي، لتصبح واحدة من القوى المحركة للنمو الاقتصادي في المنطقة والعالم، وهو ما توقعه مصرف "ستاندرد تشارترد"، مؤخراً، في تقويمه للأوضاع الاقتصادية في الدولة، مؤكّداً أن المزايا التي يتمتع بها هذا الاقتصاد والتنوّع الكبير الذي يعيشه من شأنه أن يضع الإمارات في مركز القوة الاقتصادية الإقليمية القائدة. تستمر الجهود الرامية إلى النهوض بأسواق المال المحلية ودفعها شيئاً فشيئاً نحو المزيد من النضج، عبر استكمال بنيتها المالية والتأسيس لسوق سندات وطنية متطوّرة، وإضافة خدمات أخرى للأسواق كالتسليم مقابل الدفع وتحسين مؤشرات تملّك الأجانب أسهم الشركات، وفي ظل هذه المساعي فمن المنتظر أن تبتّ مؤسسة "مرجان ستانلي" في قضية ترقية هذه الأسواق وضمّها إلى مؤشر الأسواق الصاعدة خلال الثلث الأخير من شهر يونيو المقبل، وإذا تمّت الترقية بالفعل فإنها ستعدّ إنجازاً جديداً للإمارات، ومن شأنه أن يدعم تنافسية أسواق المال إقليمياً وعالمياً، ويضعها بين أفضل أسواق المال وأكثرها قدرة على اجتذاب رؤوس الأموال العالمية الباحثة عن فرص استثمارية آمنة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.