خرجت بعض البيانات عن مؤتمر "قمة الإنشاءات في العالم العربي 2011" الذي انعقد في أبوظبي، مؤخراً، تشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها من المشروعات الكبرى محل التنفيذ في الوقت الراهن ما تقدر قيمته الاستثمارية بنحو 735 مليار درهم، وهي تتوزع على قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجدّدة والطرق والمطارات والموانئ، ويتسم الاستثمار في هذه القطاعات بأنه استثمار طويل الأجل، وهو يأتي تنفيذاً للخطط والاستراتيجيات والرؤى المستقبلية للدولة، كـ"وثيقة الإمارات 2021" و"الرؤية الاقتصادية لأبوظبي 2030". إنْ كانت مشروعات الاستثمار طويل الأجل تحتاج إلى سنوات طويلة لتكون جاهزة للتشغيل بعد الانتهاء من تنفيذها، وتستغرق سنوات أخرى لاسترداد التكاليف الاستثمارية المنفقة عليها، فإنها تتسم بسمات إيجابية عدة، بداية بكونها أكثر أنواع الاستثمار وفاءً بمعايير التنمية المستدامة، حيث إنها تمنح الدول فرصة الحصول على عوائد كبيرة ولفترات طويلة من الزمن، وهي تساعد على توليد أعداد كبيرة من فرص العمل الجديدة ما يضعها على رأس آليات محاصرة البطالة أيضاً، والتي تعد بدورها إحدى أكثر المشكلات التنموية التي تواجه العالم في الوقت الراهن. ويتسم الإنفاق الاستثماري على هذه المشروعات بالضخامة أيضاً. وإلى جانب ذلك فهي تضخ عوائد مالية كبيرة في مراحل التشغيل ما يجعلها وسيلة فعالة لدعم السيولة في الدورة الاقتصادية. وفوق هذا وذاك فإن العلاقات التشابكية التي تربط هذه القطاعات بباقي القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى يمثل آلية لدعم النمو في مجمل الاقتصاد الوطني بشكل غير مباشر. ويعتبر الإنفاق الكبير على الاستثمارات طويلة الأجل خلال السنوات الماضية، إحدى الدعامات الأساسية التي مكّنت الاقتصاد الإماراتي من استيعاب الصدمات والتداعيات التي ولدتها "الأزمة المالية العالمية"، فقد مكّنت الدولة من المحافظة على استقرارها الاقتصادي، وساعدتها على التعافي السريع من تداعيات تلك الأزمة، ودفعتها إلى النمو من جديد بداية من عام 2010. ورغم النمو الواضح في حجم الناتج في القطاعات النفطية في الدولة في ذلك العام نتيجة ارتفاع أسعار النفط العالمية، فإن القطاعات غير النفطية استطاعت تحقيق نمو بنحو 2.1 في المئة خلال ذلك العام وفقاً لتقديرات "صندوق النقد الدولي". وبالتوازي مع ذلك ارتفعت أيضاً التجارة الخارجية غير النفطية للدولة بنحو 14 في المئة وفقاً لبيانات "الهيئة العامة للجمارك"، وبذلك فقد فاق معدل التجارة الخارجية غير النفطية للدولة ذلك النمو الذي تمّ تحقيقه على مستوى التجارة الخارجية الكلي للدولة، والذي بلغ بدوره نحو 3.7 في المئة مقارنة بالعام السابق. إن النتائج الإيجابية التي حققتها السياسة الاستثمارية طويلة الأجل لدولة الإمارات، حتى الآن، ليست إلا جزءاً يسيراً من سلسلة النجاحات المتوقع أن تستمر الدولة في إدراكها تباعاً من عام إلى آخر، مع الأخذ في الاعتبار أن المستقبل قد يحمل المزيد من الإيجابيات للاقتصاد، خاصة بعد أن ينتهي تنفيذ المشروعات الكبرى محل التنفيذ في الوقت الحالي وبداية تشغيلها، ومن ثم الحصول على العوائد المرتقبة منها سواء أكانت عوائد مباشرة في صورة دخول ومرتبات للعاملين فيها أو منتجات يتمّ تداولها في الأسواق أو عوائد غير مباشرة في صورة تحفيز للقطاعات المتشابكة معها على النمو. ـــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.