أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطاب له أمام الكونجرس الأميركي رفضه العودة إلى حدود 1967 والتفاوض مع الحكومة الفلسطينية إذا اشتركت فيها "حماس"، وطالب الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل. ويأتي تشدد القيادة الإسرائيلية المتطرفة تجاه عملية السلام ورفضها له بعد تحولات تشهدها منطقة الشرق الأوسط. ففي سياق "الربيع العربي" أصبح العرب يتوقون للحرية والديموقراطية والاستقرار، وهذا لا يتمشى مع سياسة إسرائيل العنيفة والعنصرية. وهكذا، فبعد هذه التغيرات العربية لم يعد ممكناً لدى الغرب قبول الأطروحات الصهيونية التي تردد بأن التطرف الإسلامي هو الذي يهدد إسرائيل والغرب عامة، فقد أثبت العرب أنهم يريدون السلام والاستقرار، لكن إسرائيل مستمرة في رفض كل ما قدمته الأنظمة العربية المعتدلة إبان عهد مبارك، فهل باستطاعة تل أبيب اليوم قبول ما تطالب به الشعوب العربية التي أقدم بعضها على تغيير أنظمته مؤخراً؟! القيادة الإسرائيلية التي كانت تردد دائماً بأنها لا يمكن أن تحقق السلام مع دول عربية غير ديموقراطية، نجدها اليوم تتملص من عملية السلام وتشترط تنازل العرب في فلسطين عما تبقى من أراضيهم، بل تحاول تهويد فلسطين بطرد كل العرب بما في ذلك عرب 1948. الأمر المؤكد أن الأنظمة العربية الجديدة لن تتعامل مع إسرائيل على حساب الحقوق العربية، لأن الشارع العربي قد بدأ يتذوق معنى الحرية، ويناضل من أجلها، وهو ذو مواقف مناهضة لإسرائيل بسبب سياستها العنصرية المعادية للشعب الفلسطيني واستمرارها في حصاره وتجويعه وقتله وتشريده وبناء المستوطنات على أراضيه. لكن ما هي خيارات العرب لاسترجاع حقوقهم المسلوبة وإحياء دولة فلسطين بعاصمتها القدس؟ هناك عدة خيارات أولها اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود عام 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية. هذا الخيار سوف يواجه بالفيتو الأميركي الذي لوح به أوباما مطالباً الفلسطينيين بالعودة للمفاوضات مجدداً! العرب لا يستطيعون مواجهة إسرائيل عسكرياً ولا فرض السلام عليها... لكن سياسة إبقاء الأمور على ما هي عليه غير مفيدة وتسمح لإسرائيل بمزيد من التوسع والاستيطان. هنالك بعض المؤشرات الإيجابية تصب في صالح العرب ومنها أن إسرائيل التي بنت سياستها الدفاعية والأمنية وفقاً لمتغيرات البيئة الإقليمية والعربية، تجد نفسها اليوم حائرة في كيفية التعامل مع المتغيرات العربية الجديدة. فحراك "الربيع العربي" أطلق الحرية للشعوب، وقد يتيح الفرصة للتيارات الإسلامية المناهضة لإسرائيل، الوصول إلى البرلمانات العربية، سواء في مصر أو في تونس. ونرى أن فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين هو أحد المؤشرات على هذه السياسات الجديدة والمرتقبة. بل إن الدول الإقليمية التي طبعت مع إسرائيل سابقاً بدأت تعيد النظر في تلك السياسة، وقد لا يقتصر الأمر على تركيا ومصر وحدهما. كل هذه التحولات العربية والإقليمية تصب لصالح العرب، لكن ذلك لن يغير من سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل. وهنا يأتي دور حركات الشباب العربي واحتجاجاته السلمية، ومن المفيد لهم التأسي بالزعيم الهندي العظيم غاندي الذي استطاع تحرير بلاده باتباع سياسة المقاطعة والاعتماد على الذات وعدم اللجوء للعنف... مطلوب من الشعوب العربية الوقوف مع أشقائها في فلسطين باتباع سياسة المقاطعة حتى يحترمنا العالم وحتى يشعر بأن الشعوب هي من يحدد مصالحها ولا أحد غيرها.