أيهما أسبق الفكر أم اللغة... يظن الجاهل بأن اللغة تسبق الفكر، إن أقطع الأدلة على أن الفكر يسبق اللغة أن الله عزوجل خلق الكون بفكرة، ومن أقطع الأدلة أيضاً أن الطفل يتعلم الحديث عبر الفكر، فلو أن الفكر لا يسبق الحديث لمَ استطاع الإنسان إيجاد اللغة أصلا.. هكذا تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة بفكر المؤسس والزعيم الراحل الباقي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وأسكنهُ فسيح جناته. إن الزعيم الراحل الباقي بدولتنا قد أرسى دعائم نهضتها وحقق أمنها وقاد سفينتنا "دولتنا" في بحور ومحيطات السياسة والاقتصاد بما تحويه من صراعات وتحديات وتحالفات بين الدول وأحلافها. وما زالت سفينتنا هكذا ماضية قدماً بعد أن سلمها الزعيم الراحل رجالا من صلبه ومن مدرستهِ، فهي في طريق التنمية والتطور والأمن والرخاء، دولة تقرأ بفكرها المستقبل وترسم للأجيال الحياة الأفضل ذات الرفاهية، إنها دولة العدل والمساواة، حقاً هي كذلك على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة حفظه الله ونائبه وأخوانهما حُكام الإمارات وعضيدهُ سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي. لدولتنا خاصية يجب أن تُحفّظ للأجيال، لما أصبحنا دولة اتحادية بفضل فكر الشيخ زايد طيب الله ثراه، وإننا شعب واحد ولنا في الاتحاد مدينة فاضلة، عاصمتنا أبوظبي التي تفوق بواقعها جمهورية أفلاطون ومدينة ابن طفيل الفاضلة، هي الأم الفاضلة على أبنائها، فهي الفاضلة علينا بجعلنا دولة اتحادية وشعب واحد، وما زالت هي منبع الفكر القيادي في التطور والأمن والرخاء والعدالة، وبها وفيها ومنها تُرسم التنمية وتُدار السياسة الداخلية والخارجية لأمن المواطن وأمن الوطن. يدور الحديث بيننا دائماً عن الأمن والتنمية والطاقة وكأننا المفكرين في كل حقل من حقول المعرفة، فإن تلك اللغة التي نتحدث بها ما كان لها أن توجد لولا فكر رئيس الدولة خليفة بن زايد، لقد أصبحت اللغة بيننا تتحدث عن الأمن والتنمية بمفهومهما الشامل، بل اليوم نتحدث عن المستقبل وآفاقه وكل ذلك عبر الفكر الذي يخطط وينشد الأهداف الأسمى فالأسمى لدولتنا ولشعبنا، فقد تجاوزنا الحاضر وذهبنا نرسم أحد أهم صور المستقبل، فقد حقق رئيس دولتنا عبر خطوات راح ينفذها ولي عهد أبوظبي، إقامة أسس أمن الطاقة المستدامة عبر الطاقة النووية السلمية والطاقة الشمسية، وغدت عاصمتنا تحتضن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أرينا)، والتي مقرها أبوظبي، تلك المنظمة التي سوف تتعاون فيها الأمم حول الطاقة المستدامة. بدأنا أيضاً نتحدث عن قضايا المياه في الشرق الأوسط والسبل لتأمين المياه. وهذا لا يدل على أن الفكر يسبق الحديث وحسب، بل إن الفكر الذي يخطط لدولتنا في اتصال مباشر ومتفاعل مع الشعب في علاقة قل نظيرها في الدول. أجلْ سيدي صاحب السمو رئيس الدولة، العدالة، الحكمة، السياسة، والتطور والإنجاز، كلها واقع نشهده ونشهد به بأنه نظام يُدرس ويضرب به المثل في علاقة الحاكم بالمحكوم، كيف لا وأنتم وسياساتكم الإنسانية والخيرية تنتشر حول المعمورة كافة، ولكم في السياسات الداخلية و الخارجية لدولتنا ذاتية لا تمس لا من قريب ولا بعيد إلا بذكر أن الله معكم وبعزتهِ وجلالهِ سوف يسدد خطاكم يا صاحب السمو، فهذه الذاتية شرف لكل مواطن إماراتي. وما زالت قيادة الدولة تتميز وتنهج سياسات التنمية والتقدم والتطوير والتعاون وما زالت تمتاز بعلاقة قل نظيرها من اتصال الحاكم بالمحكوم، بل الحاكم أهتم بالأجيال القادمة التي سوف تولد في دولة متطورة منيعة قوية ذات رخاء، من منطلق أن مشروع الدولة الأول هو المواطن. وإذا أمعنا النظر حول ما يجري في الدول العربية، التي تختلف في أنظمتها وواقعها وخاصيتها الاجتماعية، نستنتج بأن الأحداث العربية الأخيرة في بعض الدول التي مازالت مستمرة، تمثل حالة من الشلل بين النظام السياسي ومطالب الشعب الذي يعيش الفقر والحرمان والظلم. فإذا لم يستجيب النظام لمطالب الشعب ولم يُحولها إلى سياسات داخلية وخارجية يفقد النظام السياسي شرعيتهُ " أي تنعدم العلاقة بين الحاكم والمحكوم"، وهذه مسلمة في علم السياسة. لقد دخل علينا مؤخراً من تلك الأحداث العربية أفكار تتحدث عن مشاكل غريبة عنا، وكان لها أن أغوت وأغرت أفرادا بعينهم منا راحوا يبحثون عن بطولات زائفة أو راحوا يعيشون أوضاعا ليست بأوضاع وطنهم. أليس هذا يدل على أن الفكر يصنع الحديث بين الناس، وإذا كان الفكر ليس له أسس سليمة فإنه يُولد لغط حديث. وليس مستهجناً أن نأخذ الفكر البناء والذي يستند إلى أسس وأهداف لنتحدث ونبحث فيه، ويحق القول إن من أخذ فكرً ليس له أسس كان كمن يشقى في النعيم بفكرهِ. كل الشعوب تتطلع إلى أحوال أكثر تطوراً وتقدماً وازدهاراً في سيرورة الحياة، ونحن شعب الإمارات نتطلع أيضاً إلى المزيد من التقدم والازدهار والرقي، ومع ذلك لا ندَّعي بأن مجتمعنا خال من المشكلات العالقة، كما لا ندعي بأننا في عالم آمن تماما لا تشوبه شائبة تعكّر صفو الحياة من حين لآخر، وهي سُنّة الحياة، ولكننا متأكدون بأن الدولة بين أيدٍ أمينة وفي ظل قيادة رشيدة سليلةِ قائدٍ أوتي الحكمة فسُمي آخر حكماء العرب، وهم يعلمون ما تعنيه الدولة العصرية من أنها المرجع الأول والأخير في تحقيق الأمن والاستقرار وهما أساس العيش الكريم والتقدم، كما أصبح شعبنا يدرك أنه المعني أولا ببلوغ هذه الأهداف وبضرورة المشاركة في مسيرة الدولة والذود عنها بالغالي والنفيس. هناك الكثير من أبناء الدولة جاؤوا إلى الدنيا في ظل ما بعد قيام الاتحاد وشبُّوا على رغد العيش، وقد وفرت لهم الدولة أسباب العلم والمعرفة، وهم على يقين بأن دولة الاتحاد من أجيال المؤسسين وقادتها الحاليين ماضية في ضرب جذورها عميقاً في الأرض ومدِّ أغصانها تعانقُ السماء ليتفيأ تحتها شعب كريم لدولة منيعة.