"الربيع العربي" يعبر للضفة الأوروبية... ونتنياهو عائق أمام "التسوية" طاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونجرس الأميركي، والدعوة إلى مساهمة أكبر للولايات المتحدة في عملية "الناتو" في ليبيا، والانتخابات المحلية في إسبانيا، والأزمة المالية في اليونان... موضوعات أربعة استقطبت اهتمام الصحافة الدولية. مأزق شرق أوسطي جديد صحيفة "جابان تايمز" اليابانية أفردت افتتاحية عددها ليوم الأربعاء للتعليق على الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونجرس الأميركي يوم الثلاثاء الماضي، وهو الخطاب الذي اعتبره كثيرون رفضاً لرؤية أوباما لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني مثلما كشف عنها في خطاب ألقاه في وقت سابق من الأسبوع الماضي. وفي هذا الإطار، قالت الصحيفة إن "غضب" نتنياهو من فكرة العودة إلى حدود ما قبل 1967 هو بدون شك صادق، و"لكن ذلك لا يجعله ذا مصداقية"، مضيفة أن أوباما لم يتحدث عن عودة إلى تلك الحدود، وإنما عن صياغة اتفاق "مبني على حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي من أجل تأسيس حدود آمنة ومنظمة لكلتا الدولتين". وهذا موقف معقول، تقول الصحيفة، ويمثل أساس المفاوضات بين الجانبين منذ أكثر من عقد من الزمن. واعتبرت الصحيفة أيضاً أنه كان بإمكان نتنياهو أن يغير قواعد النقاش عبر التركيز على نقاط أساسية يتفق فيها مع أوباما، بدلاً من أن يبدو عدوانيّاً وفظّاً تجاه مضيفه. وقالت إنه يعلم جيداً أنه يحظى بدعم الولايات المتحدة وأن أي رئيس أميركي لن يغيّر ذلك الموقف؛ ومع ذلك، فإنه يعارض بشكل غريزي أية خطوة قد تتخلى عن أي امتياز للفلسطينيين. كما اعتبرت أن ارتياب نتنياهو وعدم ثقته في شركائه، إضافة إلى فكرة أن التوافق خطير، يعني أن أي تسوية ينبغي أن تفرض في نهاية المطاف على إسرائيل. وتلك "وصفة للشلل واستمرار النزاع" حيث ستضمن مدّاً وجزراً في العنف في وقت ينتفض فيه الفلسطينيون. ولذا رأت الصحيفة أن تعنت نتنياهو هو عائق قوي في وجه السلام. ليبيا والربيع العربي اعتبرت افتتاحية صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية أن مستقبل الربيع العربي يعتمد على مواجهة القذافي على نحو فعال وسريع، وأنه بات من الواضح اليوم أن حملة القصف التي ينفذها "الناتو" ضد أهداف تابعة لنظام القذافي باتت في طريق حرج. صحيح أن "الناتو" ينفذ غارات فعالة حيث دمر مؤخراً ثماني سفن حربية ليبية، وأن القذافي فشل في إعادة السيطرة على مدينة مصراتة الاستراتيجية، تقول الصحيفة، إلا أن الثوار لم يحققوا أي تقدم في الزحف نحو طرابلس حيث مازال القذافي يحكم ويتحكم. وهذا وضع يجب ألا يُسمح له بالاستمرار، لأنه مناقض للأفكار الداعمة للربيع العربي التي عبر عنها أوباما، معتبرة أن التخلص من نظام القذافي هو اختبار لتلك المثل، وهو المعيار الذي سيحكم به على أوباما و"الناتو". الصحيفة، وبعد أن ذكّرت بأن المحكمة الجنائية الدولية بصدد إصدار مذكرات اعتقال في حق القذافي، دعت "الناتو" إلى بذل كل ما في استطاعته لمحاسبة القذافي بدون تأخير، مضيفة أن على الولايات المتحدة و"الناتو" أن يبذلا جهوداً أكبر من تلك التي بذلاها حتى الآن من أجل تحقيق هذا الهدف. وفي الختام، قالت إن توقع أوباما الذي يمكن تفهمه هو أن على "الناتو" أن يتكفل بالجزء الأكبر من العملية، ولكنها أردفت أن تحقيق الحرية والديمقراطية اللتين أشار إليهما في خطابه أمر أساسي وضروري. وهذا "الهدف النبيل" يتوقف على التخلص من القذافي، "لأنه كلما حدث ذلك بسرعة، كلما انتشرت تلك القيم في أماكن أخرى بسرعة". الانتخابات الإسبانية صحيفة "آيريش تايمز" الإيرلندية خصصت افتتاحية عددها ليوم الأربعاء للتعليق على الانتخابات البلدية والجهوية التي شهدتها إسبانيا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، والتي فضل فيها الناخبون الإسبان الحزب الشعبي اليميني على الحزب الاشتراكي، في وقت تعرف فيه البلاد ركودًا اقتصاديّاً قد يستدعي إنقاذاً ماليّاً آخر من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبذلك، أصبح الحزب الشعبي اليوم في موقع يتيح له الحلول محل الحزب الاشتراكي في الحكومة خلال الانتخابات العامة المقبلة التي من المقرر إجراؤها في مارس المقبل على أبعد تقدير. غير أن ظهور حركة احتجاجية جماعية، أصبحت الموضوع الرئيس للحملة الانتخابية خلال أيامها الأخيرة، يشير إلى أن الفائزين سيواجهون تحديات غير تقليدية. وهي الحركة التي بادر خلالها عشرات الآلاف من المواطنين الإسبان، الذين يعبرون عن "الغضب" من البطالة والفساد والحزبين الرئيسيين في إسبانيا، باحتلال مراكز عدد من المدن الإسبانية بشكل غير قانوني خلال عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت إجراء الانتخابات. وما زال العديد من الاعتصامات مستمرّاً حتى اليوم. وتقول الصحيفة إن فوز الحزب الشعبي كان متوقعاً على نطاق واسع، وذلك على اعتبار أن الحزب الاشتراكي، تحت قيادة ثاباتيرو، تجاهل في البداية العاصفة الاقتصادية التي كانت قيد التشكل، وبعد ذلك اتخذ تدابير قاسية يبدو أنها لم تزد الأزمة إلا استفحالاً. والمؤسف ألا أحد من الحزبين الكبيرين استغل الحملة الانتخابية لتقديم حلول عملية لأزمة الدَّين المستفحلة، مثلما لم يقوما بكبح الفساد المستشري في صفوفهما. ثم ختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن الحزب الشعبي سيرث بدون شك تركة صعبة وسيتعين عليه الإبحار بين أمواج هائجة في حال عاد إلى الحكم العام القادم. أزمة اليونان المالية صحيفة "ذا هيندو" الهندية سلطت الضوء ضمن افتتاحية لها على حالة اليونان المالية اليوم بعد مرور عام تقريباً على تدخل الاتحاد الأوروبي لمساعدتها من الإفلاس وإنقاذها ماليّاً. وفي هذا السياق، تقول الصحيفة، إن أثينا بذلت جهوداً حثيثة لمواجهة هذه الأزمة؛ ذلك أنها في غضون عام واحد، تمكنت من تقليص عجز الميزانية من 15.4 في المئة من الناتج الداخلي الخام إلى 10.5 في المئة، وذلك عبر خفض الإنفاق العام في الأساس؛ كما شددت الإجراءات ضد التملص الضريبي. ولكن نتيجة للتخفيضات، تقلص الاقتصاد بـ4.5 في المئة في 2010، ويبدو أنه سيستمر في التقلص. هذا في وقت يبلغ فيه عبء الدين العام حاليّاً 142 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وهو آخذ في الارتفاع. غير أن الانخفاض يعني أن البلد لا يستطيع خدمة القرض الحالي الرئيسي، الـ110 مليارات يورو التي قدمها بشكل مشترك في 2010 صندوق النقد الدولي وشركاء اليونان الستة عشر في منطقة "اليورو". وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن اليونان تحتاج في الواقع إلى مخطط مارشال جديد؛ ولكن منطقة "اليورو" تبدو غير قادرة سياسيّاً حتى على تخيل مخطط من هذا النوع. إعداد: محمد وقيف