تسير الإمارات بخطى ثابتة ومتقدّمة في طريق تطبيق الحكومة الإلكترونية، وقد أضحت إحدى التجارب المهمّة في هذا المجال، ليس على الصعيد العربي وحسب، بل على الصعيد العالمي أيضاً، من حيث توظيف التقنية الرقمية ومستوى الجاهزية الإلكترونية، التي ما زالت تخطو خطوات كبيرة باتجاه تحويل الإمارات كليّة إلى مجتمع يستخدم تقنية المعلومات والاتصالات على أوسع نطاق، وبفاعليّة عالية، ولاشك أن من المؤشرات المهمّة في هذا السياق إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مؤخراً، بوابة الإمارات الإلكترونية ليوحّد الخدمات الإلكترونية الاتحادية والمحلية في موقع واحد يضمّ مجموعة كبيرة من الخدمات الخاصة بالأفراد وزوّار الدولة وأصحاب الأعمال، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المعلومات عن الدولة ووسائل التواصل المجتمعي مع الجمهور الداخلي والخارجي، هذا في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة بشكل متواصل على تحسين قدرة أفراد المجتمع على استخدام الخدمات الإلكترونية عبر برنامج "المواطن الرقمي" الذي يهدف إلى محو الأميّة المعلوماتية لكل فئات المجتمع. وفي تطوّر مهم يتوافق مع أحدث التوجّهات العالمية، بدأت دولة الإمارات، مؤخراً، استخدام تقنيات الجيل الثاني من الحكومات الإلكترونية، هذه الخطوة لاشكّ تمثّل نقلة نوعية على طريق الحكومة الإلكترونية، ليس فقط لأنها سترتقي بترتيب الإمارات العالمي في التقرير السنوي للأمم المتحدة الخاص بالجاهزية الإلكترونية بمقدار عشر درجات لتصل إلى المرتبة 39 عالميّاً مقارنة بترتيبها الحالي في المرتبة 49، وإنما أيضاً لما تنطوي عليه من مردودات إيجابية عديدة، سواء في ما يتعلّق بالارتقاء بمستوى الخدمات الإلكترونية من جانب الجهات الحكومية لأفراد المجتمع، أو في ما يتعلّق بتعزيز توجّه الدولة نحو اقتصاد المعرفة. إن تطبيق الجيل الثاني من تقنيات الحكومة الإلكترونية لاشكّ سيخدم أفراد المجتمع، وسيسهّل عليهم الإجراءات المتّبعة في الجهات الحكومية وغير الحكومية، وهذا من شأنه أن يوفر مزيداً من الوقت والجهد الذي كان يمكن أن تستغرقه المعاملات العادية، كما أن هذا النظام وبما يتيحه من برامج التواصل المباشر بين الأفراد والجهات الحكومية التي تقدّم خدماتها يسهم في تمكين الأفراد من المشاركة في عملية صنع القرار الحكومي بطريقة غير مباشرة، لأن هؤلاء حينما يقدّمون آراءهم بشأن الخدمات التي تقدّمها الجهات الحكومية، وملاحظاتهم عليها، أو مقترحاتهم لتطويرها، فإنهم بذلك يضمنون أن تكون أي خطط أو قرارات حكومية معبّرة عن مطالبهم. كما أن هذا التطوّر الإلكتروني المهم من شأنه تعزيز القدرة التنافسية للدولة وبناء اقتصاد معرفي قوي، لأن أي تطوّر في البنية المعلوماتية والرقمية سينعكس إيجاباً على آلية عمل المؤسسات المختلفة في الدولة، وجعلها أكثر قدرة على التكيّف مع اقتصاد المعرفة والاستجابة السريعة لأحدث ما تنتجه التكنولوجيا، وتطويعها من أجل التنمية وخدمة المجتمع، وهذا يؤكد حقيقة مهمّة، وهي أن بناء مجتمع المعلومات والمعرفة لا يقتصر على إعداد البنية الإلكترونية وتوفير الحواسيب وزيادة عدد مشتركي "الإنترنت" فقط، وإنما كيفيّة توظيفها بطريقة فاعلة تضمن تسريع نسق التنمية الشاملة أيضاً، ولعلّ من المؤشرات الإيجابية المرتبطة بالحكومة الإلكترونية في هذا السياق، تزايد حجم النمو السنوي للتجارة الإلكترونية في الإمارات بـ (13%)، وهذه النسبة مرشحة للزيادة في الفترة المقبلة، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في الإمارات يتجاوز 128 مليار درهم، وهذا يشكّل 35% من حجم التجارة الإلكترونية في دول "مجلس التعاون". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية