صيف غضب في أوروبا... ونتنياهو يطيح بآمال السلام ما وراء زيارة أوباما لبريطانيا، ومظاهرات الغضب في إسبانيا، والصراع المكتوم الذي بدأ بين ميدفيديف وبوتين، وأصداء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الأميركيين... موضوعات نسلط الضوء عليها ضمن عرض أسبوعي للصحافة البريطانية. تطوير التحالف في افتتاحيتها تحت عنوان "زعيمان ذوا مبادئ يبحثان عن تحالف صحي"، علقت "الأوبزرفر" على الزيارة التاريخية التي يقوم بها أوباما لبريطانيا بقولها إنه على الرغم من حقيقة أن البلدين يرتبطان معا بروابط التاريخ والثقافة والتحالف الاستراتيجي، فإن تلك العلاقة لم تكن أبداً علاقة ندية أو على قدم المساواة، بل كانت الكفة تميل دائماً خلال العقود الأخيرة ناحية أميركا، وأن ذلك كان واضحاً بشكل خاص في عهد بلير وبوش الابن لدرجة أن الكثيرين قد وصفوا علاقتهما بعلاقة "التابع بالسيد". وترى الصحيفة أن اهتمام أميركا ببريطانيا اليوم لم يكن أفضل منه منذ خمس سنوات(في عهد إدارة بوش)، حيث يتجه اهتمام واشنطن في الوقت الراهن إلى الشرق أكثر، خصوصاً ناحية الصين والهند وجنوباً لأميركا اللاتينية، وتمضي الصحيفة للقول إلى أن السياسيين البريطانيين يبدون وكأنهم قد قبلوا بهذا الاختلال في العلاقة لصالح أميركا، كما أن الناخبين البريطانيين أنفسهم لا يبدون اهتماماً يذكر حسب استطلاعات الرأي بمسألة المساواة في العلاقة مع الولايات المتحدة. ولكنها ترى مع ذلك أن كل من ديفيد كاميرون وباراك أوباما قد جاء إلى الحكم وفي ذهنه أن يقطع ما بينه وبين سياسات سابقيه في الحكم، فأعلن أوباما منذ اللحظة الأولى أن أولوياته ستكون داخلية لا خارجية، وأنها ستتركز على الاقتصاد والرعاية الصحية في المقام الأول، في حين أعلن كاميرون بوضوح هو الآخر ومنذ مجيئه لسدة الحكم عن اتباعه لأجندة براجماتية تقوم على تقليص تطلعات بلاده العالمية وقصرها على تحقيق المصالح التجارية التي يجب في رأيه أن تكون على رأس قائمة اهتمامات السفارات البريطانية في الخارج. وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأميركي لبريطانيا في الوقت الراهن تمثل فرصة فريدة لتجديد الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين في مواجهة التحديات العالمية المنظورة، المتمثلة في التطورات التي تتم في الوقت الراهن بالشرق الأوسط وأيضاً التحديات غير المنظورة كذلك. على أن يضع الزعيمان وهما من أصحاب المبادئ كما يدعيان في اعتبارهما أن وهم الهيمنة الغربية الحميدة قد ولى للأبد، بيد أن ذلك الوهم لا يمكن من ناحية أخرى أن يستبدل بمبدأ البراجماتية التجارية البحتة الذي يتبناه "كاميرون" وإنْ الأفضل بالنسبة لهما في رأي الصحيفة أن يتبعا مزيجاً مكوناً من المثالية في ترويج المثل والقيم الغربية والواقعية في فهم حدود القوة الغربية. وذلك المزيج يمكن بالكاد تسميته"عقيدة أوباما - كاميرون"، ولكن مما لا شك فيه أنه يمكن أن يشكل أساساً لتحالف استراتيجي مستمر وصحي. الصيف الأوروبي حملت افتتاحية الاندبندنت أول من أمس الثلاثاء العنوان "صرخة غضب لا يمكن تجاهلها"، والتي تناولت فيها موضوع المظاهرات التي تجتاح إسبانيا في الوقت الراهن احتجاجاً على إجراءات التقشف القاسية التي اتبعتها الحكومة تحت ضغط البنك المركزي الأوروبي كثمن لصفقة الإنقاذ التي قدمت للاقتصاد الإسباني للخروج من براثن الأزمة المالية، والتي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في البلاد بصورة حادة مما دفع الجماهير الإسبانية للخروج إلى الشارع للتعبير عن سخطها في مظاهرات صاخبة واعتصامات غطت بظلالها الانتخابات العامة التي جرت في البلاد هذا الأسبوع، والتي يتوقع أن يعاقب فيها الناخبون الحزب الاشتراكي الحاكم بسبب أدائه المخيب للآمال. وترى الصحيفة أن المظاهرات الإسبانية شأنها في ذلك شأن ثورتي تونس ومصر لا شكل محدد لها، كما تفتقر إلى قيادة واضحة حيث لا ترتبط بأي من أحزاب المعارضة القائمة في إسبانيا، ولا إلى أي حركة من حركات الاحتجاج والمجتمع المدني التي تنشط في هذه الدولة ويستهدف المتظاهرون فيها بغضبهم السياسيين الفاسدين ومفاعلات القوى النووية والاتحادات التجارية المتهاونة في حقوق أعضائها. والتظاهرات تمثل في نظر الصحيفة صرخة احتجاج من جيل من الإسبان، وصلت نسبة البطالة بين شبابه خلال المرحلة السنية 16-29 ما يقرب من 45 في المئة، وهي نسبة غير مسبوقة وتكلفة باهظة يدفعها هذا الجيل مقابل أخطاء لا ذنب له فيها، ومما يفاقم من غضب الشباب الإسباني أن حزم الإنقاذ التي قدمها البنك الدولي لإخراج بلادهم من أزمة الديون السيادية لا يبدو أنها ستجعل حياتهم أفضل أو أقل عناء على الأقل في المستقبل المنظور، وهو ما أوصل لهم رسالة أنه لا مستقبل لهم، وهو ما دفعهم لليأس وإطلاق صرخات غضبهم احتجاجاً شأنهم في ذلك شأن الشباب في تونس ومصر. صراع الأصدقاء كتب "أوليفر بكاب" مقالًا في "الديلي ميل" أول من أمس الثلاثاء اختار له عنواناً طويلاً هو:"بوتين يتطلع لاستعادة الرئاسة من ميدفيديف بعد التشكيك في ولائه"، علق فيه على المحاولات التي يبذلها الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي للعودة مجدداً إلى الكريملن عن طريق بوابة انتخابات 2012، التي لم يعد متبقيًا عليها سوى عشرة شهور. ويقول الكاتب إن السؤال الذي يتردد في روسيا على نطاق واسع الآن هو: هل سيقوم الرئيس الروسي الحالي ديمتري ميدفيديف بترشيح نفسه لخوض الانتخابات سعياً لفترة رئاسة ثانية أم أنه لن يفعل ذلك من أجل إتاحة الفرصة لفلاديمير بوتين للعودة مجدداً إلى الكريملن بعد أن كان قد حكم روسيا لفترتين رئاسيتين انتهتا عام 2008 وهو كما يقول التفاهم الضمني بين الصديقين القديمين، والذي كان يقوم على أن يتيح بوتين الفرصة لصديقه وتلميذه الذي يصغره بثلاثة عشر عاماً كي يشغل منصب الرئيس بعد أن كان هو نفسه بوتين قد شغله لفترتين رئاسيتين انتهتا عام 2008، ولم يكن متاحاً له أن يترشح لفترة ثالثة، حيث أن الدستور الروسي لا يسمح بذلك على أن يشغل منصب رئيس الوزراء خلال فترة تولي ميدفيديف لإحكام قبضتيهما على الدولة والحيلولة دون صعود أي قوة ذات شأن. يقول الكاتب إن هناك تقارير في روسيا الآن تفيد بأن ميدفيديف لا ينوي التخلي عن السلطة وأنه يتخذ إجراءات لإحكام قبضته عليها، وهي تقارير يؤيدها أنصار بوتين أيضاً، ويرى الكاتب أنه في حالة صحة تلك التقارير، فإن ذلك سوف يهيئ المسرح لصراع شرس بين الرجلين على القوة والنفوذ وخرجت تصريحات من معسكر بوتين لقطع الطريق على ميدفيديف تفيد أن بوتين مصمم على خوض انتخابات الرئاسة القادمة حيث يسمح له الدستور بذلك، وأنه لا يقوم بموازنة الأمر في ذهنه كما تقول بعض الأخبار، وأن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ميدفيديف جعلته يشك في ولائه ومحاولته التملص من الاتفاق الضمني بينه وبين الرجل الذي انتشله من سلك المحاماة وجاء به إلى عالم السياسة. لا جديد "إسرائيل على استعداد لإجراء تسويات مؤلمة"...اقتطع "توبي هاردندن" هذه العبارة من خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأميركي وجعلها عنواناً لتحليله المنشور بعدد "الديلي تلغراف" أول من أمس الثلاثاء، والذي أشار فيه إلى رد الفعل الأولى للفلسطينيين على ذلك الخطاب حينما وصفوه بأنه" إعلان حرب"، بعد أن أعلن نتنياهو بصفة قاطعة أن إسرائيل لن تعود أبداً إلى حدود ما قبل حرب 1967 لأن هذه الحدود ببساطة غير قابلة للدفاع عنها. وعلى الرغم من إعلان نتنياهو عن استعداده لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل السلام، فإن الفلسطينيين يقولون إن هذه التنازلات ليست سوى مجموعة من المستوطنات العشوائية التي لا قيمة لها في حين أن الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية ستظل تحت سيطرة إسرائيل التي ستحتفظ إلى جانب ذلك بحسب ما صرح به نتنياهو في كلمته أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الأميركيين بقوات على امتداد نهر الأردن لفترة طويلة في المستقبل، وأن القدس لن تقسم أبداً أي أنها سوف تظل أيضاً تحت سيطرة إسرائيل، وهي كلها شروط لا تحقق طموحات الفلسطينيين، ولا تقدم جديداً لمسيرة السلام المتعثر، بل أنها في الحقيقة تنسف أي آمال قد تكون راودت البعض بعد التصريحات التي أدلى بها أوباما عن التسوية القادمة للصراع ستتضمن العودة لحدود 1967. إعداد: سعيد كامل