عبّرت الكلمة التي ألقاها معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أمام مؤتمر "البحث العلمي والتنمية الوطنية"، الذي نظّمته "ندوة الثقافة والعلوم" في دبي، مؤخراً، عن توجّه الدولة نحو تعزيز الاهتمام بالبحث العلمي وتطويعه لخدمة خطط التنمية في الدولة، وتطويره لكي يكون أكثر اقتراباً من اقتصاد المعرفة. فقد دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى "الانتقال سريعاً من حقبة الإنتاج المحدود للمعارف القائم حالياً في الدولة إلى التحوّل إلى مركز مرموق للبحوث والدراسات واقتصاد المعرفة في المنطقة"، وأكد ضرورة أن تتوجّه أهداف البحث العلمي إلى تنمية المجتمع، وتحقيق أهداف التقدّم والرّخاء فيه، وتأكيد المكانة المحورية للدولة إقليمياً وعالمياً، وتمكينها من أن تكون دائماً واحةً للتنمية والاستقرار والازدهار. لقد أصبح البحث العلمي يلعب دوراً مهماً في العملية التنموية في العالم أجمع، وبات تقسيم العالم إلى دول متقدّمة ونامية يعتمد بالأساس على ما يقدّمه البحث العلمي من ابتكارات واختراعات حديثة تسهم في تحقيق أهداف الدول التنموية، خاصة في المجالات الصناعية والتكنولوجية، وهذا يفسّر لماذا تخصّص الدول المتقدّمة جانباً كبيراً من ميزانياتها للبحوث العلمية، وتنفيذ براءات الاختراع التي تنتجها هذه البحوث. وهذا ما تدركه الجهات المعنية في الدولة، والتي تحرص على توفير الموارد والإمكانات كافة للارتقاء بالبحث العلمي لكي يسير بشكل متوازن مع ما تشهده البلاد من تنمية في مختلف المجالات. وجاء إنشاء "الهيئة الوطنية للبحث العلمي" عام 2008 ليؤكّد هذه القناعة، فالأهداف التي تسعى إلى تحقيقها تتضمّن دعم مسيرة التنمية والاقتصاد المعتمد على المعرفة في المجتمع، وبناء نظام متطوّر للبحث والابتكار والإسهام في بناء إمكانات الدولة في المجالات الحديثة للبحوث العلمية، مثل مجالات التقنيات الحيوية ومجالات النانو تكنولوجي وغيرها من المجالات التي تؤكد دور الدولة في إنجازات التطوّر العالمي المتلاحق وتؤدّي في الوقت نفسه إلى ارتفاع معدلات التنمية في المجتمع. ما يبعث على التفاؤل في هذا الشأن أن هناك توجّهاً لتطوير منظومة التعليم والبحث العلمي لكي تستجيب لمتطلّبات النمو واقتصاد المعرفة، من خلال إنشاء جامعات وكليّات ومعاهد متخصّصة، وبالشكل الذي يخدم استراتيجية الدولة وخططها المستقبلية نحو الدخول إلى المجالات الحديثة والمتطوّرة والتخصّصات النادرة التي تخدم عملية التنمية المستدامة فيها. هذا في الوقت الذي تستهدف فيه خطط التطوير المعلنة لمنظومة التعليم في الدولة توفير المناخ المناسب للبحث العلمي، وليس أدلّ على ذلك من أن استراتيجية أبوظبي لتطوير التعليم العالي تركّز على كيفيّة توجيه البحث العلمي نحو خدمة الاحتياجات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لإمارة أبوظبي، إضافة إلى أنها تضع لنفسها أهدافاً مهمّة تسعى إلى تحقيقها في السنوات المقبلة، في مقدّمتها زيادة الإنفاق المخصّص للبحوث والتطوير ليصل إلى 4.9 مليار درهم بحلول عام 2018، ورفع مستوى جامعتين في أبوظبي لتصبحا في قائمة أفضل 100 جامعة في العالم، وإنشاء جامعات قادرة على إصدار 50 براءة اختراع باعتبارها مقياساً لأداء البحوث. إن الاهتمام بمنظومة البحث العلمي في الدولة، والحرص المتواصل على تطويرها يتماشى مع استراتيجية الحكومة للأعوام 2011 و2013 التي اشتملت على سبع أولويات من ضمنها استراتيجية "اقتصاد المعرفة التنافسي"، وهو الأمر الذي يتطلّب بدوره تكثيف الاعتماد على البحث العلمي، وما يرتبط به من قدرة على نقل التقنيات الحديثة واستيعابها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.