جاء الربع الأول من عام 2011 ليشهد المزيد من الاستقرار في الوضع الائتماني لاقتصاد إمارة أبوظبي، فقد تصدّرت أدوات الديون السيادية للإمارة المرتبة الأولى بين فئتها من أدوات المديونية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ذلك الربع ضمن التصنيف ربع السنوي، وفقاً لمؤشر "مخاطر الديون السيادية"، الذي أصدرته مؤسسة "سي إم أيه داتافيجن" الأميركية المتخصصة في متابعة أدوات الائتمان حول العالم، وقد جاءت أبوظبي ضمن الاقتصادات الخمسة والعشرين الأقل عرضة لمخاطر الائتمان في العالم، ولا يخفى على أحد بالطبع أن هذه المكانة المتميّزة التي استطاعت أبوظبي الاضطلاع بها تنبع في الأساس من متانة أوضاعها الائتمانية وملاءتها المالية المرتفعة والآمنة وامتلاكها أرصدة كبيرة من السيولة بما يكفي لتمويل احتياجاتها الداخلية ويمنحها القدرة على الاستفادة من فرص الاستثمار في الخارج. برغم الارتفاع الذي تشهده تكاليف التأمين ضد مخاطر الديون السيادية حول العالم في الوقت الراهن في ظل تفاقم أزمات المديونية الحكومية في العديد من الاقتصادات الكبرى كما هي الحال في اليابان والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فإن الجدارة الائتمانية المتميّزة التي يتمتّع بها اقتصاد أبوظبي تسمح للإمارة بأن تحصل على خدمات تأمينيّة على ديونها السيادية بتكاليف منخفضة، ويأتي اقتصاد أبوظبي بين أفضل 25 اقتصاداً في العالم في هذا الشأن، وبقراءة أخرى فإن هذا الترتيب المتقدّم يفيد بأن أبوظبي تعدّ واحدة من بين الـ (25) بلداً الأكثر قدرة على تسديد ديونها السيادية في العالم في الوقت الحالي. إن التفوّق الإقليمي والمكانة الدولية المتميّزة لاقتصاد إمارة أبوظبي، وفقاً لمؤشر "مخاطر الديون السيادية"، يمثّلان وجهاً من أوجه الأداء الإيجابي لاقتصاد أبوظبي، الذي واصل النمو في أسوأ الفترات التي اشتدّت فيها وطأة "الأزمة المالية العالمية" على مدار العامين الماضيين، ومن ثم عاد إلى النمو والانتعاش بقوّة مستفيداً ممّا يمتلكه من مزايا نسبية لا تتوافر لغيره من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وعدد كبير من اقتصادات العالم بما فيها من اقتصادات نامية أو صاعدة أو متقدّمة، فقد استطاع اقتصاد أبوظبي أن يستثمر ما لديه من سيولة وفيرة في إبراز استثمار نقاط القوة التي يتمتّع بها، من خلال ضخّ كميات كبيرة من الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية غير النفطية في إطار سياسة التنويع الاقتصادي التي تتّبعها الإمارة منذ عقود، وتوسيع قاعدة الاقتصاد عبر التوسّع في قطاعات الصناعة والسياحة والطاقة المتجدّدة والتوجّه نحو الاقتصاد المبنيّ على المعرفة. إن سياسة توزيع الاستثمارات بشكل متوازن بين جميع القطاعات الاقتصادية من دون استثناء مع عدم إغفال القطاع النفطي، الذي يعدّ مصدراً رئيسيّاً للسيولة، تمثّل سمة أساسية للسياسة الاستثمارية لإمارة أبوظبي في الوقت الحالي، ما يضمن استفادة اقتصاد الإمارة من الارتفاع الحالي في أسعار النفط العالمية ويجلب إليه المزيد من السيولة، بالتوازي مع توجيه الجزء الأكبر من هذه السيولة إلى القطاعات الأكثر حيوية والأكثر قدرة على دعم استدامة التنمية الشاملة التي تسعى إليها الإمارة، بمعنى آخر تعتمد سياسة الاستثمار الحكومي في أبوظبي على الموازنة بين الاحتياجات الآنيّة للتنمية التي تحفّز الاقتصاد على النمو في الأجل القصير، وبناء أسس متينة وقاعدة عريضة من عدد كبير من القطاعات غير النفطية بما يساعده على النمو والتنمية في الأجل الطويل. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.