الوتيرة التي تختفي بها النباتات والحيوانات من الكوكب نتيجة تقلص مَواطنها قد تكون مبالغاً فيها بما قد يصل إلى 160 في المئة أو أكثر. هذه هي خلاصة دراسة جديدة نشرت في التاسع عشر من هذا الشهر بدورية "نايتشر" المتخصصة. وتقول هذه الدراسة إن المقاربة الحالية التي تستعمل على نطاق واسع من أجل تقدير حالات الانقراض بسبب فقدان الموطن تشتمل على عيب مفهومي؛ كما يقول الباحثون المشاركون في الدراسة إن طريقتهم الجديدة الأكثر دقة تعكس تفاعل عاملي تقلص المواطن والأعداد التي تعتمد عليها. ويعد هذا البحث إحدى دراستين اثنتين على الأقل تسلطان الضوء على جهود العلماء لتوضيح الأدوات اللازمة لتعقب حجم ونطاق مشكلة انقراض الأنواع – ووضع مقاربات للتعاطي معها. ويقول مختصون إن المشاكل تتعدى المجال الأكاديمي، ذلك أن توقعات تأثير تقلص المَواطن على حالات الانقراض يمكن أن تُستعمل في عملية اتخاذ قرارات إدارة الحياة البرية المحلية بخصوص مساحة الأراضي التي ينبغي الحفاظ عليها. كما أنها تؤثر على التوقعات طويلة المدى لحالات الانقراض التي يمكن تعقب بدايتها إلى الاحتباس الحراري وتأثيراتها على الَمواطن على الصعيد العالمي. وإضافة إلى ذلك، فإن استعمال معيار واحد لقدرة أعداد نوع ما على الحياة والنمو قد يمنع مديري جهود الحفاظ على الأنواع من تغذية ورعاية أنواع تقع أعدادها تحت ذلك السقف ولكن يمكن مع ذلك استعادتها، مثلما يشرح "ستيفن بيسنجر"، العالم البيئي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو أحد المشاركين في الدراسة. ومن جانبه، يقول "ستيفان هابل"، العالم البيئي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وأحد العالمين اللذين قاما بالدراسة، إن تطوير وسيلة جديدة لتقدير حالات الانقراض يمثل "خبراً مرحباً به على اعتبار أننا كسبنا بعض الوقت لإنقاذ الأنواع"، مضيفاً "ولكنه، من ناحية أخرى، خبر غير مرحب به لأنه يتعين علينا أن نعيد القيام بمجموعة بأكملها من البحوث" التي أجريت بالطريقة السابقة". وقد أدرك العديد من علماء البيئة منذ سنوات أن التقنية التي يعتمدون عليها من أجل تقدير حالات الانقراض ربما تبالغ في تقدير الخسائر، ذلك أنه عندما زار العلماء المواطن الآخذة في التقلص، وجدوا أن النباتات والحيوانات المعرضة للخطر لم تكن تنقرض بالسرعة التي كانت تشير إليها التوقعات. وفي هذا السياق، يقول "فانجليانج هي"، أحد مؤلفي الدراسة التي نشرتها "نايتشر" وباحث متخصص في التنوع البيولوجي بجامعة ألبيرتا في إدمونتون، "لا أحد يستطيع تحديد السبب" . البعض أشار إلى أن الهوة قد تعزى إلى ما أصبح يعرف بـ"دين الانقراض"، حيث يمكن أن تبقى النباتات والحيوانات وتستمر بعد فقدان جزء مهم من مَوطنها، ولكن اختفاءها في نهاية المطاف يكون حتمياً ولا مفر منه. واليوم يقول "هي" و"هابل" إنهما وجدا سبب هذه الهوة ويقدمان طريقة تطابق معدلات الانقراض الملاحظَة في الميدان. وإذا كانت المقاربة الجديدة لا تستبعد إمكانية وجود "دين انقراض"، فإن الثنائي يقول إن طريقته لا تحتاجه لتفسير الهوة. ويؤكد العالمان أن العالم مازال يواجه مشكلة انقراض كبيرة، مشيرين إلى دراسة نشرت في مارس الماضي، على سبيل المثال، تقارن معدلات الانقراض المسجلة في سجل "الأحفوريات" مع تلك المسجلة لدى الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، وهي المنظمة التي تتولى حالياً حماية الأنواع المهددة والمعرضة لخطر الانقراض. الدراسة، التي قام بها فريق يرأسه "أنتوني بارنوسكي" من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، خلصت إلى أن حالات انقراض الأنواع خلال البضعة آلاف سنة الأخيرة هي أعلى من المعدل العادي الملاحَظ في سجل الأحفوريات. ويرى "بارنوسكي" أنه إذا انقرضت الأنواع المهددة حالياً في غضون المئة سنة المقبلة، واستمرت الوتيرة على حالها من دون كبح، فإن حالات الانقراض في غضون 240 إلى 540 عاماً سترتفع إلى مستوى لم نر نظيراً له منذ حالات الانقراض الجماعية الخمس الكبيرة في تاريخ كوكب الأرض. والجدير بالذكر في هذا السياق أن العوامل الرئيسية التي أدت إلى حالات الانقراض الجماعية الخمس هي الاضطرابات البركانية الطويلة، أو تغير المناخ، أو حتى اصطدام مذنبات أو أجرام سماوية مع كوكب الأرض. أما العامل الرئيسي اليوم، فينظر إليه على نطاق واسع اليوم باعتباره تأثير النشاطات البشرية على المناخ، والتضاريس، والمحيطات. ويحاول العمل الذي قام به "هي" و"هابل" الوصول جانب مهم يؤثر في وتيرة الانقراض. في صلب النقاش توجد "العلاقة بين الأنواع والمنطقة"، وهي علاقة معروفة وثابتة بين مساحة المنطقة التي يدرسها العلماء، وعدد الأنواع الجديدة التي يكتشفونها بموازاة مع قيامهم بتوسيع رقعة الأرض أو المحيط التي يدرسونها. وبينما تتوسع منطقة البحث، يقول "هابل"، يقوم العلماء بإضافة أنواع جديدة عندما يكتشفون عينة من كائن غير معروف أو غير موصوف أو غير مصنف من قبل. وهذا الأمر أدى إلى تطوير علاقة رياضية (من الرياضيات) بين مساحة المنطقة المدروسة وعدد الأنواع الجديدة التي يمكن للمرء أن يتوقع إيجادها. ولكن لا شيء يشبه ذلك كان موجوداً بخصوص حالات الانقراض. وهكذا، وجد العلماء أن إحدى المقاربات الممكنة قد تتمثل في قلب هذه العملية الحسابية بهدف تحديد عدد الأنواع التي يمكن أن يفقدها المرء نتيجة تقلص مواطنها. ولكن هنا تطرح المشكلة المفهومية التي يشير إليها "هي" و"هابل"، إذ بدلاً من الاعتماد على حضور أو غياب نموذج ما، يقول "هابل"، "فإن مشكلة الانقراض تقتضي فقدان كل الأعداد وأن يكون ذلك في المنطقة التي عرفت خسارة الموطن". ويعترف الثنائي بأن اكتشاف هذا الاختلاف كان سهلاً نسبياً؛ ولكن العالمين كان في حاجة إلى ثماني سنوات حتى يكتشفا ويحددا الجانب الرياضي في المقاربة واستعماله لتفسير لماذا وكيف كانت المقاربة السابقة تجاه تقدير حالات الانقراض كثيراً ما تفشل في مطابقة الملاحظات الميدانية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بيت سبوتس كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"