أعجبني مقال الدكتور حسن حنفي عن "روح الجامعة المصرية"، والذي أوضح ما تمتعت به جامعات مصر خلال تاريخها الطويل من استقلال عن السلطة الرسمية، ومن أجواء تنويرية وتحررية داخل البيئة الجامعية نفسها. وثمة جانبان لهذا الموضوع يتعين التأكيد عليهما؛ الأول أن استقلال الجامعة هو مظهر صحي لتقدم المجتمع ومؤشر على عافيته، فحين كانت مصر مقبلة على النهوض والتطور، وكانت مفعمة بروح الأمل وبالثقة في قدرتها على صناعة المصير وامتلاك المستقبل، كانت جامعاتها جزءاً من الأمل الواعد والحالة الصحية السليمة والمنتعشة... أما حين دخلت مصر مرحلة الانكماش والتراجع، فقد أصبحت جامعاتها حالة كاشفة لتدهور الأوضاع وانحسار الآمال وتراجع الطموحات. أما الجانب الثاني للموضوع فيتعلق بدور الجامعة ذاتها كصرح معرفي وبحثي لا يصح بناء دولة عصرية ذات بنية اقتصادية مزدهرة بمعزل عنه. فالجامعات هي قاطرة التقدم التي تتصدر مسيرة التطور في عالم المعارف والأفكار والصناعات والعلوم والتقنيات، أي الجانب الناعم الذي أصبح محور الاقتصادات الحديثة. لذلك فإنه بدون جامعات عصرية، نشطة ومتطورة، وقبل ذلك مستقلة وحرة، لا مجال لقيام مجتمعات متقدمة. جميل عمر -الكويت