حين حضر أفراد العائلة إلى المدرسة هنا في بلدة البيرة بشمال لبنان، لم يكن ذلك استجابة لدعوة من الإدارة المدرسية أو حتى لأداء زيارة مجاملة، بل للاستفادة من الاستخدامات الأخرى للمدارس في مناطق العالم غير المستقرة، حيث تتحول تلقائيّاً إلى ملاجئ ومخيمات إيواء مؤقت للمشردين والنازحين، يمضون بين جنباتها أيامهم الصعبة، حتى يأتي الفرج في يوم قريب، أو بعيد. أما مظاهر التعب والوجوم والعيون الساهمة المحدقة في المجهول فلم تأتِ عبثاً ولا تمثيلاً، فقد تجشم أفراد هذه العائلة عناء طريق طويل على أقدامهم لكي يعبروا الحدود السورية لاجئين إلى لبنان، فراراً بجلودهم من موجة العنف التي تعرفها بعض مناطق بلادهم. وفي انتظار سماح الظروف بالعودة إلى بيتهم سيتعين على أفراد الأسرة استكشاف عالم اللجوء الجديد عليها، بكل ما فيه من معاناة مريرة ويوميات كئيبة. عسى أن يكون الآتي أرحم والفرج أقرب، فيما تخبئه الأيام المقبلة.