بات الاستثمار في التعليم والبحث العلمي يتصدّران اهتمامات الدول والاقتصادات الصاعدة على أساس أن ذلك يشكّل نوعاً من الاستثمار في المستقبل، بعد أن أصبح التعليم النوعيّ الجيد إحدى ركائز التنمية والتطور، ولهذا تحرص قيادتنا الرشيدة على إتاحة الفرصة أمام المواطنين لتحصيل أرقى العلوم في التخصّصات المختلفة، سواء في داخل البلاد أو خارجها، لأن ذلك هو المدخل الذي يمكن من خلاله تحقيق المشاركة القويّة والفاعلة لأبناء الوطن في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الدّولة في مختلف المجالات. وفي هذا السياق تأتي المنحة التي قدّمها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤخراً، إلى خريجي "جامعة زايد"، البالغة قيمتها 16 مليون درهم، لحثّهم على مواصلة تعليمهم العالي. أهميّة "منحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم العالي" لا تكمن في كونها تستهدف توفير تعليم عالميّ عصريّ لخريجي "جامعة زايد" في فرعيها بأبوظبي ودبي، ممن يرغبون في استكمال تعليمهم العالي، سواء في جامعات الدولة أو خارجها في أرقى الجامعات العالمية المصنّفة ضمن أفضل 200 جامعة عالمية، وإنما كذلك لأنها تركّز بالأساس على التخصصات النوعيّة التي تساهم في تنمية مستقبل الدولة كالسياحة، والدراسات البيئية والهندسية، وعلوم الطيران والفضاء، والإدارة، والهندسة النووية. هذه المنحة المهمّة تعكس الاهتمام الذي توليه قيادتنا الرشيدة لتعظيم مخرجات العملية التعليميّة، وهي حلقة في سلسلة متواصلة من الخطوات الهادفة إلى إحداث نقلة نوعيّة في بناء منظومة تعليمية كفيلة بتوفير التخصّصات والكفاءات المطلوبة التي تحتاج إليها سوق العمل في الدولة، ومن المبادرات الرائدة في هذا السياق تبرز بعثة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، للطلبة المتميّزين علميّاً، والتي أنشئت عام 1999، وتقوم على اختيار نخبة من الطلبة الإماراتيين المتميّزين علمياً، وإيفادهم إلى أرقى الجامعات في العالم لإكمال دراستهم في المجالات التي تخدم مسيرة التنمية في الدولة. ومنذ إنشاء هذه البعثة استطاعت أن تمدّ الدولة بالكثير من الكوادر المواطنة المؤهّلة في العديد من المجالات. وهناك مكرمة سمو ولي عهد أبوظبي لتقديم منح دراسية لنحو 700 طالب وطالبة من المواطنين خرّيجي "برنامج السنة التأسيسيّة" بهدف تأهيلهم تأهيلاً علمياً وعملياً لاجتياز شروط القبول في مؤسسات التعليم العالي في الدولة، ومبادرة "صندوق خليفة لتطوير المشاريع"، التي تستهدف تنفيذ سلسلة من البرامج التعليميّة لغرس ثقافة ريادة الأعمال والابتكار لدى طلاب المدارس الثانوية والجامعات في أبوظبي والعين والمنطقة الغربية. إن الارتقاء بواقع التعليم ومخرجاته في الدولة هو استثمار حقيقيّ في حاضر الوطن ومستقبله، لأنه المدخل نحو بناء دولة عصريّة قوامها العلم والمعرفة، فالتعليم النوعي الجيد هو الذي يرفد سوق العمل بالعنصر البشريّ القادر على المنافسة ومواجهة تحديات عصر التكنولوجيا والمعلومات، والتعاطي مع التحولات الاقتصاديّة والثقافيّة المتسارعة التي تشهدها الدولة، وهذا يفسر كيف أن هناك إرادة سياسيّة قويّة تدعم خطوات إصلاح النظام التعليمي، وتساند عملية التطوير التي يشهدها هذا القطاع الحيوي بمراحله المختلفة، من أجل الارتقاء بمخرجاته لكي تخدم خطط التنمية في المجالات المختلفة، ودفعها قدماً إلى الأمام. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.