أعلنت وزارة الاقتصاد الإماراتيّة أنها تعمل حاليّاً على تطوير 19 قانوناً تستهدف تطوير المناخ الاقتصاديّ الإماراتيّ، وهي تضم عدداً من القوانين الجديدة التي لم تصدر من قبل، كقوانين التحكيم والمنافسة، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتنظيم الصناعة، والعلامات التجارية، هذا بالإضافة إلى تعديل أو إضافة بنود جديدة إلى قوانين أخرى قائمة بالفعل، وتأتي هذه الخطوة في إطار وعي تامّ لدى دولة الإمارات بأهمية تطوير البيئة التشريعية المنظّمة لمجريات الحياة الاقتصاديّة، وتوفير الظروف الملائمة لممارسة الأنشطة الاقتصادية جميعها من دون قيد أو شرط سوى خدمة مصلحة الوطن والمواطن الإماراتي، والمضيّ قدماً على طريق التنمية الشاملة والمستدامة. إن الخطوات المتتالية التي تقطعها دولة الإمارات على طريق إصلاح مناخها الاستثماريّ، على المستوى التفصيليّ تضع نصب أعينها عدداً من الأهداف أهمها بناء منظومة متكاملة من السياسات الاقتصادية يخدم بعضها بعضاً، وتترابط في ما بينها بما يحقّق لها الاتساق العام، ويخلّص المناخ الاستثماري في الدولة من التناقضات التي قد تعوق المستثمرين والمؤسسات الحكومية والخاصة عن المشاركة بفاعليّة في التنمية. كما تستهدف الخطوات الأخيرة لوزارة الاقتصاد استكمال منظومة المناخ الاستثماريّ في الدولة، وهي المنظومة التي تنبني على محورين رئيسيين، أولهما بالطبع محور البنى التحتية والتكنولوجية المتطوّرة المناسبة لجميع الأنشطة الاقتصادية، وهو المحور الذي عملت عليه الدولة وطوّرته على مدار عقود طويلة حتى استكملته بنجاح منقطع النظير، وصارت بنيتها التحتية والتكنولوجية تنافس مثيلاتها في دول العالم المتقدّم، وتأتي الخطوات الحالية استكمالاً لمسيرة بناء المحور الثاني الذي يبنى عليه المناخ الاستثماريّ، متمثلاً في تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية، سواء تلك المتعلقة مباشرة بالمناخ الاستثماري، أو المتعلّقة بمجمل الأنشطة والحياة الاقتصادية في الدولة كلّها. احتلّت دولة الإمارات العام الماضي إحدى المراتب الخمس الأولى على مستوى العالم بين الدول الأكثر إصلاحاً لمناخها الاستثماريّ، ضمن تقرير "سهولة ممارسة الأعمال" الذي يصدر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي" بالتعاون مع "البنك الدولي"، وبالطبع لم تتمكّن الدولة من احتلال هذه المرتبة إلا بتمكنها من وضع لبنات جديدة وذات أهمية خاصة في بناء مناخها الاستثماري، وفي هذا الإطار من المتوقّع أن تستمر دولة الإمارات خلال العام الجاري كواحدة من الدول الأكثر إصلاحاً، والأكثر تقدّماً في مسيرة تهيئة البيئة الاستثمارية أيضاً. إن القوانين المرتقبة يتوقّع أن يكون لها تأثير إيجابي كبير في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دولة الإمارات خلال السنوات المقبلة، حيث إنها ستدعم موقع الدولة كوجهة استثمارية مفضّلة على مستوى العالم، وتشجّع لدى إطلاقها على تمكن الدولة من اجتذاب المزيد من تلك الاستثمارات، ولتعود تدفقات الاستثمار الأجنبي إليها إلى مستويات ما قبل "الأزمة المالية العالمية"، وعموماً فقد أشارت توقعات "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (الأنكتاد) إلى أن دولة الإمارات ستستقبل ما يقدّر بنحو 13 مليار دولار سنويّاً من الاستثمارات الأجنبية بداية من عام 2013، وهي بذلك ستكون قد اقتربت بالفعل من مستواها في عام 2008 عندما قدّرت بنحو 14 مليار دولار، ومن شأن التعجيل في إصدار القوانين المشار إليها وتطبيقها أن يعجّل بدوره من إدراك الدولة هذا الهدف الحيوي. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.