في تقرير حديث بعنوان "التعددية القطبية.. الاقتصاد العالمي الجديد"، صنّف "البنك الدولي" دولة الإمارات بأنها قطب اقتصادي عالمي، مستنبطاً هذا الحكم عبر المكانة التي بات يحتلّها الاقتصاد الوطني كواحد من أهم مصادر صفقات الاندماج والاستحواذ في العالم في الوقت الحالي، وقد استعرض البنك إجمالي عدد الصفقات التي قامت بها أطراف إماراتية خلال الفترة ما بين عامي 1997 و2010، التي بلغت، وفقاً للبنك، نحو 62 صفقة، كان منها صفقات من الكبر والقيمة بما وضعها بين أهم الصفقات التي تمّت على مستوى العالم من هذا النوع خلال الفترة المذكورة، وقد توقع البنك أن تتحوّل بعض الشركات الإماراتية وعلى رأسها "أدنوك" و"اتصالات" إلى شركات عالمية عابرة للحدود. إن القول إن أي اقتصاد من الاقتصادات العالمية قد أصبح قطباً عالميّاً ليس إلا اعترافاً بأهمية هذا الاقتصاد، وحيوية دوره في تحفيز الأداء الاقتصادي العالمي، ولعل هذه المرتبة تزداد أهميتها بشكل استثنائي في المرحلة الحالية، التي تشهد استمراراً لظروف "الأزمة المالية العالمية" وتداعياتها، التي أصابت أداء الاقتصاد العالمي بحالة من الركود، ودفعته إلى موجة من الانكماش لم يشهدها منذ عقود طويلة، وتزداد هذه الأهمية أيضاً مع تأزّم الأوضاع المالية في الاقتصادات الكبرى في الوقت الحالي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، حتى بات تعافي هذه الاقتصادات، وبالتالي قيامها بدور إيجابي في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي، أمراً محاطاً بالكثير من المخاطر والمحاذير في المستقبل القريب. إن صعود قوى اقتصادية جديدة واضطلاعها بدور حيوي في تعويض الاقتصاد العالمي عن خسائره الناتجة عن تراجع القوى التقليدية ليمثّل أمراً بالغ الأهمية، ولعل تمكّن دولة الإمارات من التحوّل إلى "قطب اقتصادي عالمي"، كما أشار "البنك الدولي"، هو أحد التحوّلات الإيجابية المهمّة في هذا الشأن، فالاقتصاد الإماراتي يتمتّع بقدرات متنامية ومتصاعدة باستقرار من عام إلى آخر، ولديه من المحركات الذاتية ما يضمن له التعافي الكامل من تداعيات الأزمة والعودة إلى النمو بمعدلات قريبة من معدلات النمو ما قبل "الأزمة المالية"، خلال العام الجاري، ومن ثم الانطلاق بخطوات أسرع بداية من العام المقبل، ليجني المزيد من المكاسب. إن تعدد صفقات الاندماج والاستحواذ التي تدخل فيها أطراف ومؤسسات إماراتية من شأنه أن يدعم شبكة العلاقات التي يرتبط بها الاقتصاد الوطني مع العالم الخارجي، ولعل الزخم الذي شهدته أنشطة الاندماج والاستحواذ بين شركات ومؤسسات إماراتية وأخرى من الخارج على مدار السنوات الماضية، كان له تأثير إيجابي في شبكة العلاقات التجارية والاستثمارية التي تربط بين الاقتصاد الوطني والعالم الخارجي، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الشبكة تنبني في الأساس على السياسات الاقتصادية المطبّقة من قِبل الدولة، التي تتميز بدرجة عالية من المرونة والانفتاح على العالم. إن تحوّل أي اقتصاد إلى "قطب اقتصادي عالمي" واحتفاظه بشبكة علاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية متينة مع العالم الخارجي، يتيح له فرصة التأثير والتأثر الإيجابي بالمحيط الاقتصادي الإقليمي والعالمي، ويدعم دوره كاقتصاد رائد ومحفّز للنمو والتعافي الاقتصادي العالمي، وهذا الدور يحتاج إلى تكاتف بين الاقتصادات الأكثر قدرة على النمو حول العالم، ومن بينها بعض الاقتصادات الآسيوية كالصين والهند وبعض اقتصادات أميركا الجنوبية كالبرازيل، وبعض اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الاقتصاد الإماراتي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية