سلسلة المبادرات العلمية والتطبيقية التي أعلنتها "جامعة خليفة" مؤخراً، وتتضمّن تطوير الطاقة الاستيعابية لمشروع الاتصالات المعروف بـ"شبكة العنكبوت" من أجل تعزيز قدرة الجامعات العاملة في الدولة على التواصل مع نظيراتها في الخارج، تشكّل نقلة نوعية للتعليم الجامعي في الدولة، والارتقاء به إلى المعايير العالمية المتعارف عليها، لأنها تسهم في تعزيز الانفتاح على الجامعات العالميّة المرموقة، والاستفادة من إمكاناتها العلمية، سواء في تبادل الكتب والمراجع الإلكترونيّة، أو في توظيف تقنية المؤتمرات البصرية عبر الأقمار الاصطناعية، إضافة إلى تعزيز جهود البحث العلمي داخل جامعات الدولة. هذه المبادرات التي تستهدف تطوير التعليم الجامعيّ، والارتقاء به، تنسجم مع التوجّه الذي توليه الدولة وقيادتنا الرشيدة نحو الاهتمام بمنظومة التعليم العالي بوجه عام ليصل إلى المعايير العالميّة. ولهذا فإنها تحرص دوماً على تشجيع أيّ مبادرات تستهدف الانفتاح على الجامعات العالمية والمراكز البحثية الدولية، والاستفادة من خبراتها، ويتضح هذا بجلاء في التعاون القائم بين العديد من الجامعات المحليّة مع مراكز البحوث العلمية والأكاديمية الدولية، مثل مؤسسة "أنسياد" الفرنسية، وذلك في مجالات إدارة الأعمال والمصارف، واقتصادات البيئة، و"جامعة واشنطن-سياتل"، التي تعدّ أفضل الجامعات الأميركية في دراسات القيادة، والابتكار، وتقنيّات التعليم. وعلاوة على ذلك فإن معظم جامعات الإمارات تتعاون مع العديد من الجامعات الأجنبية، بل إن كثيراً من الجامعات الأجنبية افتتحت فروعاً لها داخل الدولة، مثل "الجامعة الأميركية" في الشارقة، وجامعة "باريس-السوربون" في "أبوظبي"، وغيرها الكثير، وذلك في مؤشر واضح إلى مستوى التطوّر الذي تشهده مسيرة التعليم الجامعي في الدولة. إن التوجّه نحو تطوير التعليم الجامعي والارتقاء به إلى المعايير الدولية يستند إلى جملة من الاعتبارات المهمّة، أولها، أن وجود تعليم جامعي عصري بمواصفات عالمية، يخدم سياسات الدولة نحو بناء اقتصاد المعرفة الذي بات يعدّ حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية الشاملة. ثانيها، أن هذا هو المدخل المناسب نحو تخريج أجيال مفكرة ومبدعة ترتبط بخدمة قضايا المجتمع والتنمية، بالنظر إلى طبيعة الدور المهمّ الذي يقوم به التعليم الجامعي في تعزيز عنصر رأس المال البشريّ. فكلما كان التعليم الجامعي في الدولة متطوراً كان قادراً على تخريج كوادر بشريّة أكثر ارتباطاً بسوق العمل، وأكثر قدرة على تحويل منجزات العلم من المجال النظري إلى تطبيقات عمليّة تخدم المجتمع. ثالثها، دفع سياسة التوطين قُدماً إلى الأمام، لأن وجود تعليم جامعيّ قادر على إيجاد خريجين مؤهلين للالتحاق بسوق العمل في المجالات المختلفة، يمكن أن يسهم في تنفيذ سياسة التوطين التي تحرص الدولة على نجاحها في مختلف القطاعات. لقد أصبحت قوة الدول تقاس بمستوى التعليم الذي تقدّمه إلى أبنائها، وبطبيعة مخرجاته التي تخدم خطط التنمية ومشروعاتها فيها، وهذا ما تدركه دولة الإمارات وقيادتنا الرشيدة، التي تحرص دوماً على الارتقاء بمنظومة التعليم العالي، لكي تسهم في دعم الاقتصاد الوطنيّ، وذلك من خلال إنشاء جامعات وكليات ومعاهد متخصصة تخدم خطط الدولة، وأهدافها التنموية. وفي هذا السياق تم تدشين أول جامعة للهندسة النووية في الإمارات، من المقرّر أن تبدأ برنامجها الدراسي في شهر سبتمبر المقبل، و"معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا" الذي يُعنى بالدراسات العليا وبحوث الطاقة المتجدّدة، وغيرهما الكثير من المبادرات التي تؤكّد أن منظومة التعليم العالي أصبحت تتفاعل مع الطموحات الوطنية الكبيرة في تبوّؤ الاقتصاد الإماراتي مكانة عالميّة مرموقة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية