فرصة ثانية لنتنياهو... ومعاهدة السلام مستمرة أصداء ذكرى النكبة الفلسطينية، وفرصة نتنياهو لإطلاق عملية السلام من واشنطن، ومستقبل العلاقات الإسرائيلية- المصرية، ودلالات احتجاجات الفلسطينيين على الحدود... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. مطالب فلسطينية محقة رأي عبرت عنه صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء على خلفية الاحتجاجات التي نظمها الفلسطينيون في أكثر من موقع حدودي مع إسرائيل واختراقهم للحدود، فقد أشادت الصحيفة بردود الفعل المتوازنة لبعض المسؤولين الإسرائيليين التي لم تنجر إلى التصعيد، وذلك رغم حدوث قتلى وسقوط ضحايا على الجانب الفلسطيني، وفي هذا الإطار أشارت الصحيفة إلى تصريح وزير الدفاع، إيهود باراك، تعليقاً على الأحداث الأخيرة عندما قال إنه يرفض الإفراط في التعبير عن انفعاله بسبب "بضعة فلسطينيين" نجحوا في دخول الحدود الإسرائيلية من سوريا، كما أن الوزير كان محقاً أيضاً في تأكيده بأن إسرائيل لا تستطيع نشر الآلاف من الجنود على طول حدودها، هذا التعقل في المواقف تتحسر عليه الصحيفة لأنه لم يبرز في التعامل مع السفينة التركية التي قدمت إلى غزة قبل بضعة أشهر لتقديم المساعدة إلى الفلسطينيين وتم التعاطي معها بعنف أثار الرأي العام الدولي، أو الطريقة التي تستخدم بها إسرائيل الكلاب البوليسية لتعقب الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل بحثاً عن العمل، وبحسب وزير الدفاع الذي توافقه الصحيفة الرأي لا يمكن التعامل مع ما يجري من خرق للحدود على أنه تهديد وجودي لإسرائيل كما لا يجوز التهويل من تداعياته، بل إن إسرائيل التي تشتكي من هذا الانتهاك لم تقم بما يكفي لترسيم حدودها لأنها مازالت تعتقد أنها قادرة على التوسع ضمن حدود الآخرين، وبدلاً من التعاطي مع ما يجري على الحدود بمناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية على أنه تهديد وجودي ورغبة في تدمير إسرائيل كما يروج لذلك البعض تدعو الصحيفة إلى مواجهة الواقع والاعتراف بأن الأحداث الأخيرة إنما تعكس رغبة الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة داخل حدود معترف بها سيتم في إطارها حل مشكلة اللاجئين. فرصة ثانية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، طالبت "هآرتس" من نتنياهو، بعدم إضاعة فرصة زيارته إلى واشنطن خلال الأسبوع المقبل لطرح مبادرة إسرائيلية متكاملة تتسق مع ما تعهد به في خطاب جامعة "بار إيلان" وإحراز تقدم حقيقي وسريع نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة لأن الوقت لم يعد في صالح إسرائيل، فبعد استقالة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جورج ميتشل، بات واضحاً أن جهود تحريك المفاوضات المتعثرة فشلت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتعتبرها الصحيفة إيذاناً بمرحلة جديدة سيدشنها أوباما نفسه الذي من المتوقع أن يبلور في الأسابيع القليلة المقبلة استراتيجية أميركية فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة، إذ من المتوقع أن يضع أوباما ملامح سياسة بلاده، والتي لن تخرج عن مساندة التغيرات وإعلان وقوفه إلى جانب مطالب الشعوب، هذا في الوقت الذي تتهيأ فيه السلطة الفلسطينية بعد إنجاز المصالحة بين "فتح" و"حماس" إلى التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة في شهر سبتمبر المقبل للاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي إن حصل ستدخل إسرائيل مرحلة من العزلة الدولية، كل هذه المعطيات تحتم على رئيس الوزراء الإسرائيلي تحريك مسيرة السلام الجامدة والتوقف عن إلقاء اللوم على الفلسطينيين. العلاقات مع مصر تناول الدبلوماسي الإسرائيلي، "أوديد عيرن"، في مقاله المنشور يوم أمس الثلاثاء بصحيفة "جيروزاليم بوست" العلاقات الإسرائيلية- المصرية في ضوء المتغيرات الجارية في مصر والمنطقة، لا سيما فيما يتعلق باتفاقية السلام بين البلدين التي وقعت عام 1979، فمنذ ذلك التاريخ، يقول الكاتب، ظلت الاتفاقية قائمة وقوية رغم كل التحديات التي واجهتها على مدى السنوات الماضية وتمكنت مصر من احترام جميع بنود الاتفاقية والتحكم أيضاً في الخطاب العربي حول القضية الفلسطينية، لتظل مسألة واحدة خرجت عن قاعدة التوافق مع إسرائيل، وهي موقف مصر من الملف النووي الإسرائيلي، هذه الثوابت في العلاقة بين البلدين لم تتغير كثيراً حتى بعد تنحي مبارك الذي رعى معاهدة السلام وحرص على استمرارها، كما حرص أيضاً على مواصلة علاقته مع تل أبيب رغم الظروف الصعبة التي جعلت مصر أحياناً تتعرض لانتقادات لاذعة من العرب لما بدا أنه سياسة ضد الفلسطينيين، وللتدليل على أن المواقف المصرية لن تشهد انعطافة حاسمة إزاء إسرائيل يشير الدبلوماسي الإسرائيلي إلى الشخصيات المؤهلة حالياً للعب دور كبير سواء في السياسة الداخلية المصرية مثل عمرو موسى المرشح للرئاسة، أو نبيل العربي الذي انتقل إلى الجامعة العربية، وهي الهيئة التي مقرها مصر منذ إنشاء الجامعة، حيث صرح موسى لمجلة "دير شبيجل" الألمانية" بأن مصر تؤيد تأييداً كاملاً المبادرة والموقف العربي الموحد إزاء إسرائيل. فالفلسطينيون يحتاجون إلى دولتهم الخاصة كما أنه على إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة وكخطوة أولى يجب رفع الحصار عن قطاع غزة"، وبحسب الكاتب لا تشكل هذه المواقف خروجاً عن الخطاب السائد أو تشدداً في وجهة النظر المصرية، أما نبيل العربي الذي تولى مؤخراً منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية فهو أيضاً متمسك بالثوابت في العلاقة مع إسرائيل كما عبر بنفسه عن ذلك في حوار مع واشنطن بوست قال فيه "ستلتزم مصر بكل اتفاقية وقعت عليها"، ليخلص الكاتب في النهاية إلى أن العلاقات بين البلدين لن تتأثر عن نحو كبير يبقى فقط أن تتجنب إسرائيل افتعال نزاعات أو الظهور وكأنها تضغط على أميركا لوقف المساعدات المالية لمصر. ضبط النفس كتب المعلق الإسرائيلي "نيكاما دوك" في "يديعوت أحرنوت" يوم الإثنين الماضي عن الأحداث التي تجري على الحدود مع إسرائيل وقيام مجموعة من الفلسطينيين باختراق الحدود، معتبراً أن الأمر طبيعي بالنظر إلى إخفاقات مسلسل السلام الذي ظل يراوح مكانه مع تعاقب الحكومات الإسرائيلية منذ التوقيع على اتفاقات أوسلو، فقد شهدت هذه الفترة لحظات انتعش فيها الأمل مع حكومات قادها حزب "العمل"، وأخرى شارك فيها إلى جانب "كاديما"، لكن ذلك تراجع كله في ظل الحكومة الحالية التي يقودها نتنياهو، والتي تضم عناصر وأحزاباً دينية ويمينية لا تخفي تطرفها، كما أن الفلسطينيين الذين يعيشون داخل خط الأخضر والذين يفترض أنهم مواطنون يتمتعون بكامل حقوقهم إلى جانب اليهود ضمن دولة ديمقراطية يشعرون أنهم مهمشون مع تصاعد الأصوات الداعية إلى تهجيرهم، أو القوانين المضيقة على حرياتهم مثل فرض الاعتراف بيهودية الدولة كشرط للحصول على الجنسية وغيرها من الممارسات التي تضرب مصداقية إسرائيل، لذا يجب ألا تفاجأ إسرائيل، يقول الكاتب، عندما يهب فلسطينيو الداخل إلى مؤازرة إخوانهم في الشتات والتماهي مع مشاكلهم بحلول ذكرى النكبة، ذلك أن إسرائيل وعلى مدى سنوات طويلة فشلت في خلق شعور بالانتماء إلى الدولة لدى هؤلاء، بل دفعتهم دفعاً إلى التنصل من إسرائيل، ويضيف الكاتب أن أسوأ ما يمكن للدولة العبرية القيام به هو مواجهة غضب الشباب الفلسطيني بالعنف والتنكيل، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى صب المزيد من الزيت على النار. إعداد: زهير الكساب